قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن التعذيب والوحشية والاغتصاب وغيرها من الأزمات المصرية مستمرة تحت الحكم العسكري للبلاد, مشيرة إلى أن التعديلات الوزارية المستمرة فشلت في تحقيق التطلعات الاقتصادية والسياسية الأساسية للمصريين فضلا عن مطالب ثورة 25 يناير التي نادت بالكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
ولفتت الصحيفة في تحليلها المنشور اليوم الخميس على موقعها الإلكتروني, إلى أن وحشية الشرطة والاعتقالات الجماعية والتعذيب والاغتصاب أصبحت أمور شائعة تمارسها الشرطة ضد رافضي الانقلاب العسكري.
وأضافت الصحيفة أن رئيس الوزراء الجديد إبراهيم محلب, يبعث برسالة واضحة حول أخذ البلاد نحو مزيج خطير من الاستبداد وفساد الدولة وعلى أحسن الأحوال عودة نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك -على حد تعبير الصحيفة البريطانية-.
وأشارت الصحيفة إلى أن المزاعم المتداولة حول إقالة رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي لعدم كفاءة حكومته غير مقنعة, لأن أكثر من ثلثي وزراء الببلاوي مستمرين في حكومة محلب, مشيرة إلى أن تشكيل هذه الحكومة يبدد الآمال حول تحقيق مستقبل ديمقراطي أو إحداث أي تغيير ذات معنى في أوضاع البلاد.
وأكدت أن تشكيل هذه الحكومة يعزز المخاوف بأن الثورة المضادة تعمل على قدم وساق لتعود البلاد مرة أخرى إلى الحكم الاستبدادي.
ولفتت الصحيفة إلى أن محلب نفسه كان عضوا بارزا في نظام مبارك وكان أحد المقربين من جمال مبارك ومتورط بشدة في العديد من قضايا الفساد مضيفة أن تصريحات محلب حول مهمة "حكومته القتالية" تعكس استمرار سياسات النظام القمعية ضد خصومه السياسين مشيرة إلى نتائج تقارير حقوق الإنسان التي أفادت بمقتل أكثر من ثلاث آلاف شخص على الأقل وأصابة 16 ألف وسجن أكثر من 22 ألف آخرين – من بينهم عشرات الصحفيين – منذ يوليو الماضي.
وتابعت الصحيفة في تقريرها أن العنف الوحشي لم ينجح في إنهاء الموجة المتزايدة من الاحتجاجات, حيث يخرج مئات الآلاف من المصريين إلى الشوارع, مشيرة إلى أن الاحتجاجات تكون بقيادة الشباب الذين يطالبون باستعادة الديمقراطية.
وقالت الصحيفة أن التشكيل الجديد للحكومة يعكس تحولا في التحالفات من المعارضة العلمانية – التي وفرت غطاءا سياسيا للانقلاب العسكري- إلى الاستعانة بنظام مبارك وحلفاءه لدعم الوصول المتوقع للمشير عبد الفتاح السيسي إلى رئاسة البلاد.
وأكد التحليل على عدم قدرة "السيسي" على تحقيق الاستقرار للبلاد, لافتا إلى استمرار التدهور الأمني بلا هوادة وخروج الاقتصاد عن السيطرة وتهاوي البنية التحتية للبلاد ونقص الطاقة والانقطاع المستمر للكهرباء وارتفاع أسعار المواد الغذائية على الرغم من "الصدقات السخية" من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات لدعم الانقلاب على حد وصف التحليل.
وأضاف التحليل أن السيسي لن يستطيع معالجة الانقسامات في الشارع المصري والاستقطاب السياسي الناتج عن سياساته مؤكدا أنه لا يمكن لتعديل وزاري أو حتى دكتاتور جديد أن يعالج هذه الانقسامات.
وخلص التحليل إلى أن استعادة الديمقراطية وتحقيق الاستقرار في البلاد يتطلب ابتعاد الجيش عن السياسة للأبد ومنع جميع الشخصيات ذات الخلفية العسكرية من الترشح لمنصب الرئاسة أو شغل المناصب العليا الأخرى.
ولفت إلى أن العقود الستة الماضية سيطرت المؤسسة العسكرية على معظم نواحي الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد فضلا عن كون الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات من الجنرالات السابقين حيث تتحكم المؤسسة العسكرية في ثلث اقتصاد البلاد.
ودعا التحليل إلى تفكيك الدولة البوليسية التي عادت منذ يوليو الماضي واستعادة سيادة القانون والحريات المدنية وحقوق الإنسان وإصلاح القضاء ووضع حد للحملات الإعلامية التي تعمق الاستقطاب مشددا على حتمية الإفراج عن جميع السجناء السياسيين وإنهاء المحاكمات الصورية.