قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} العنكبوت، وقال تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده} الحج.
قال ابن الجوزي رحمه الله في "صيد الخاطر" ص (239): (رأيت الخلق كلهم في صف محاربة والشياطين يرمونهم بنبل الهوى، ويضربونهم بأسياف اللذة، فأما المخلِّطون فصرعى من أول وقت اللقاء، وأما المتَّقون في جهد جهيد من المجاهدة، فلا بد مع طول الوقوف في المحاربة من جراح، فهم يُجْرَحون ويداوون إلا أنهم من القتل محفوظون).
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 3/8: (فحق جهاده أن يجاهد العبد نفسه ليسلم قلبه ولسانه وجوارحه لله فيكون كله لله وبالله لا لنفسه وبنفسه، ويجاهد شيطانه بتكذيب وعده ومعصية أمره وارتكاب نهيه فإنه يعد الأماني ويمني الغرور ويعد الفقر ويأمر بالفحشاء وينهى عن التقى والهدى والعفة والصبر وأخلاق الإيمان كلها، فجاهده بتكذيب وعده ومعصية أمره فينشأ له من هذين الجهادين قوة وسلطان وعدة يجاهد بها أعداء الله في الخارج بقلبه ولسانه ويده وماله لتكون كلمة الله هي العليا).
وقال أيضا في "الفوائد" عند قوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}: (علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا، فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد).
ولا تستصعب أيها المسلم هذا الجهاد فمعك الله خير معين وخير الناصرين فما أمرك بأمر إلا وقد ضمن لك أن يعينك على تنفيذه، فاحذر العجز، والرسول تعوذ بالله كثيراً من العجز وقال: ((استعن بالله ولا تعجز)) رواه مسلم عن أبي هريرة.
كتاب [إنقاذ المسلمين من وسوسة الجن والشياطين _73]
للشيخ محمد الإمام حفظه الله