من سُرَّ بعمله فقد رأى نفسه ::
هل شعرت يوما ما بعد أدائك للصلاة أنك أديت حق الله عليك؟
هل شعرت يوما وأنت تعطي للمسكين صدقة من مالك أنك من خير الناس وأفضلهم على الله؟
هل سولت لك نفسك يوماً أنك عندما تنصح غيرك بالخير فتكون ملكت الدنيا بما فيها؟
هل يراودك هذا الشعور عندما تتقن العمل وتحسنه أنه من أفضل الأعمال عند الله؟
هل جرك هذا الشعور بالإعجاب بالعمل والإعجاب بما قدمت النفس ,, بل تولد الغرور بالعمل؟
هنا قف //
هل تعلم أن الغرور بالعمل سوء أدب مع الله سبحانه , وصاحب العمل المسكين لا يدري هل قبل عمله أم لا ؟
هل تعلم أن الذي يعجب بعمله أنه يخشى عليه من مراءاة نفسه ؟؟
هل تعلم أن الركون إلى العمل ركون إلى الضعف .. فتفطن واعلم لمن تركن في عملك؟؟
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
فالرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها , وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفاراً عقيب الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه
.................................................
بعض الناس إذا فعل الطاعات والقربات واستمر على ذلك أياماً اطمأن لعمله وركن إليه وارتاحت نفسه لطاعاته ورضي بما يقدم لله , بل يتولد أحياناً شعور أنه أدى حق الله عليه , وقد يجره هذا الشعور إلى الإعجاب بعمله والسرور به والغرور به.
..
والصالحون لا يفعلون ذلك وليس هذا من صفاتهم ,, لأن الصالحين دائماً مشفقين من ربهم ويخافون ألا تقبل أعمالهم ,,هذا وهي خالصة له سبحانه ,
ولا يأمنون على أعمالهم , أن يكون قد شابها ما يردها عند الله فلا يقبلها سبحانه ,,
قال الله سبحانه :
((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ))
المؤمنون 60
قالت عائشة رضي الله عنها :
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ,, فقلت : أهم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون ؟ فقال
: (( لا يا ابنة الصديق , ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويخافون ألا يتقبل منهم ))
رواه الترمذي وصححه الألباني .
_____________________________
الركون إلى العمل لا يبرر أنك من أصحاب الجنة
ولذلك عندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول الجنة بالعمل قال
(( إلا أن يتغمدني الله برحمته))
هل سمعت بذلك المَلَك الذي من أول خلقه وهو ساجد لله تعالى وفي يوم القيامة يرفع رأسه ويرى الجبار جل في علاه فيقول
(( سبحانك ما عبدناك حق عبادتك))
حين يرى جلال الله وعظمته يحتقر عمله ويرى أن الله يستحق أن يعبد أكثر من ذلك سبحانه ,, فكيف بك أيها المسكين وقد غرك عملك أما تخشى أن تكون من الذين قال الله تعالى فيهم:
((وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ))
...................................
قال تعالى :
( والمستغفرين بالأسحار)
قال الحسن – رحمه الله :
مدوا صلاتهم إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون الله عز وجل,
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثاً .
.................................................. ..
وفي أجل المواقف وأعظم الأماكن وأفضل العبادات عقب الإفاضة من عرفات
يأمر الله عباده بالاستغفار
((ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ))
البقرة 198- 199.
حتى يُعلم أن العمل مهما كان فيه من حسن وإخلاص لا ينبغي أن يركن الإنسان له ولا يعتقد أنه هو السبب الأول لدخول الجنة وأن من حقه على الله أن يدخله الجنة بهذا العمل ,,فالاعتماد على العمل سوء أدب مع الله ,,وهو لا يدري قدر ذنوبه ,, ولا يدري هل قبل أم لا,, فينبغي طلب الرحمة من الله,, ويعمل فكل ميسر لما خلق له ويركن إلى خالقه الذي امتن عليه بفعل هذا العمل ويتبع العمل بالاستغفار فلا يخلو من التقصير , والله غفور رحيم.
هذا والله أعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.