الإعجاز في سورة الحديد
مقدمة:
لا يخفى أن هذا الدين المبارك الذي ختم الباري جل وعلا به الديانات واجه كثيراً من التحديات فتغلب على صعابها وبيّن باطلها من صوابها. واجه هذا الدين تحدي إبادة أهله واستئصال شأفتهم وهذا ناشئ عن تحدي الاستفزاز من الأرض قال تعالى: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: 76]
يقول صاحب التحرير والتنوير: "وفي الآية إيماء إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم سيخرج من مكة وأن مخرجيه أي المتسببين في خروجه لا يلبثون بعده بمكة إلا قليلاُ"(1).
لكن محاولة محو هذا الدين من الأرض كانت تراود نفوس أعدائه إلا أن الله سبحانه وتعالى قيّض لهذا الدين أتباعاً أمدّهم بعونه وقوته حتى هيئوا في أقل من قرن حيزاً جغرافياً من جدار الصين إلى جبال البرني يكفل وإلى الأبد بقاء هذا الدين.
التحدي الثاني: كان تحدي الديانات السماوية وغير السماوية فجادلها هذا الدين بالحسنى وبالحجة البالغة والبرهان الساطع توحيداً لا شرك فيه، وتشريعاً لا حيف فيه، ومساواة كاملة بين أبنائه،
التحدي الثالث: الفلسفات وبخاصة اليونانية التي سبق أن أفسدت النصرانية بثنائيتها وإلحادها فواجهها علماء هذا الدين بالعقل المؤيد بالوحي فكشفوا زيفها
وفي هذا القرن المنصرم واجهت الديانات وبخاصة الإسلام وما زالت تحدي العلم الذي أصبح معبود الأجيال الصاعدة التي شكت في العقل مرة أخرى واطّرحت الأخلاق. وهكذا تضاعف غم الذين كانوا يعولون على العلم كأداة هدم لا تقهر لقلعة الدين عندما شاهدوه يتحول إلى قلعة من قلاع الدين لا تغلب حينما اكتشف العلم نفسه في نصوص الكتاب والسنة.
سورة الحديد:
سورة الحديد سورة مدنية، وهي السورة الوحيدة من سور القرآن الكريم التي تحمل اسم عنصر من العناصر المعروفة لنا والتي يبلغ عددها مائة وخمسة عناصر; ويعجب القارئ للقرآن لاختيار هذا العنصر بالذات اسماً لهذه السورة التي تدور حول قضية إنزاله من السماء، وبأسه الشديد، ومنافعه للناس، وورد ذكر الحديد في كتاب الله تعالى في ست آيات متفرقات على النحو التالي:
(1) قال تعالى: ﴿قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدا﴾ [لإسراء: 50].
(2) قال تعالى: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف: 96].
(3) قال تعالى: ﴿وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ﴾ [الحج: 21].
(4) قال تعالى: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾ [سبأ: 10].
(5) قال تعالى: ﴿قَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 22].
(6) قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: 25].
وكلها تشير إلي عنصر الحديد ماعدا آية سورة ق والتي جاءت لفظة(حديد) فيها في مقام التشبيه للبصر بمعني أنه نافذ قوي يبصر به ما كان خفياً عنه في الدنيا.
إن القرآن يقدّر في هذه الآية الكريمة التي في سورة الحديد أن معدن الحديد قد تم إنزاله من السماء ولم يكن موجوداً على كوكب الأرض، لكننا نستخرج الحديد من الأرض، فكان المقدَّر أن يقال خلقنا الحديد لا (أنزلنا الحديد) ووجدنا بعض المفسرين يقولون أنزلنا بمعنى خلقنا، فيرد عليهم آخرون من المفسرين قالوا: لا، لو أراد الله أن يقول خلقنا لقال خلقنا ولكنه قال أنزلنا.
بعض أقوال المفسرين:
قال الله عز وجل: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز﴾ [الحديد: 25]، ﴿وأنزلنا الحديد﴾ [الحديد: 25] أي أنشأناه وخلقناه كقوله تعالى:﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر: 6] وهذا قول الحسن فيكون من الأرض غير منزل من السماء(2)، وقال أهل المعاني معنى قوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾ أنشأنا وأحدثنا أي: أخرج لهم الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه، وقال قطرب: هذا من النزل كما يقال: أنزل الأمير على فلان نزلاً حسناً فمعنى الآية: أنه جعل ذلك نزلاً لهم ومثله قوله: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾(3)وذكر صاحب (صفوة البيان لمعاني القرآن): ﴿وأنزلنا الحديد﴾ أي: خلقناه لكم، كقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ أي هيأناه لكم، وأنعمنا به عليكم، وعلمناكم استخراجه من الأرض وصنعته بإلهامنا، ﴿فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ أي فيه قوة وشدة، فمنه جُنة وسلاح، وآلات للحرب وغيرها، وفي الآية إشارة إلي احتياج الكتاب والميزان إلى القائم بالسيف، ليحصل القيام بالقسط، ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ في معاشهم ومصالحهم، وما من صنعة إلا والحديد آلتها، كما هو مشاهد، فالمنة به عظيمة.
وقال صاحب(صفوة التفاسير): ﴿وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ أي وخلقنا وأوجدنا الحديد فيه باس شديد، لأن آلات الحرب تتخذ منه، كالدروع والرماح والتروس والدبابات وغير ذلك، ومنافع للناس أي وفيه منافع كثيرة للناس كسكك الحراثة والسكين والفأس وغير ذلك، وما من صناعة إلا والحديد آلة فيها، قال أبو حيان: وعبر تعالى عن إيجاده بالإنزال كما قال: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾، لأن الأوامر وجميع القضايا والأحكام لما كانت تلقى من السماء جعل الكل نزولاً منها، وأراد بالحديد جنسه من المعادن قاله الجمهور(4).
التفسير العلمي لمعنى الإنزال:
يقول البروفيسور (أرمسترونج) من أميركا وهو أحد أربعة في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا): الحديد يستحيل أن يكون خلق في الأرض، الحديد لا بدَّ أن يكون قد خلق في السماء ونزل إلى الأرض؛ لأن تكوين ذرة حديد واحدة عندما حسبناها وجدنا أنها تحتاج إلى طاقة مثل طاقة المجموعة الشمسية أربع مرات، فالحديد عنصر وافد على الكون(5).
كما وجد علماء الفضاء أن أصل معدن الحديد ليس من كوكب الأرض بل من الفضاء الخارجي، وأنه من مُخلّفات الشهب والنيازك، إذ يحول الغلاف الجوي بعضاً منها إلى رماد عندما تدخل نطاق الأرض، ويسقط البعض الآخر على أشكال وأحجام مختلفة.
كما كشف علماء الفضاء مؤخراً أن عنصر الحديد لا يمكن له أن يتكون داخل المجموعة الشمسية، فالشمس نجم ذو حرارة وطاقة غير كافية لدمج عنصر الحديد، وهذا ما دفع بالعلماء إلى القول بأن معدن الحديد قد تم دمجه خارج مجموعتنا الشمسية، ثم نزل إلى الأرض عن طريق النيازك والشهب.
ويعتقد علماء الفلك حالياً أن النيازك والشهب ما هي إلا مقذوفات فلكية من ذرات مختلفة الأحجام، وتتألف من معدن الحديد وغيره، ولذلك كان معدن الحديد من أول المعادن التي عُرِفتْ للإنسانية على وجه الأرض، لأنه يتساقط بصورة نقية من السماء على شكل نيازك(6).
التفسير العلمي لمعنى البأس:
الحديد عنصر فلزي عرفه القدماء، فيما عرفوا من الفلزات من مثل الذهب، والفضة، والنحاس والرصاص، والقصدير والزئبق، وهو أكثر العناصر انتشاراً في الأرض(35،9%)، ويوجد أساساً في هيئة مركبات الحديد من مثل أكاسيد، وكربونات، وكبريتيدات، وكبريتات وسيليكات ذلك العنصر، ولا يوجد علي هيئة الحديد النقي إلا في النيازك الحديدية وفي جوف الأرض.
والحديد عنصر فلزي شديد البأس، وهو أكثر العناصر ثباتاً؛ وذلك لشدة تماسك مكونات النواة في ذرته التي تتكون من ستة وعشرين بروتوناً، وثلاثين نيوترونا، وستة وعشرين إليكترونا، ولذلك تمتلك نواة ذرة الحديد أعلى قدر من طاقة التماسك بين جميع نوى العناصر الأخرى، ولذا فهي تحتاج إلى كميات هائلة من الطاقة لتفتيتها أو للإضافة إليها.
ويتميز الحديد وسبائكه المختلفة بين جميع العناصر والسبائك المعروفة بأعلى قدر من الخصائص المغناطيسية، والمرونة(القابلية للطرق والسحب وللتشكل) والمقاومة للحرارة ولعوامل التعرية الجوية، فالحديد لا ينصهر قبل درجة1536درجة مئوية، ويغلي عند درجة3023 درجة مئوية تحت الضغط الجوي العادي عند سطح البحر، وتبلغ كثافة الحديد 7،874 جرام للسنتيمتر المكعب عند درجة حرارة الصفر المطلق(7).
في واقع الأمر لم تعرف البشرية أهمية الحديد الصناعية إلا في القرن الثامن عشر أي بعد نزول القرآن باثني عشر قرناً، حيث اتجه العالم فجأة إلى صناعة الحديد واكتشفوا أيسر الوسائل لاستخراجه. وقد دخل الحديد الآن في كل المجالات الصناعية كأساس لها، بل أصبح حجر الزاوية في جميع استعمالات البشر، فهو يستخدم كأنسب معدن في صناعة الأسلحة وأساساً لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة ولا بد أن نذكر أيضاً أن الحديد عنصر أساسي في كثير من الكائنات الحية، كما في بناء النباتات التي تمتص مركباته من التربة، والهيموغلوبين في خلايا الدم عند الإنسان والحيوان(8).
الدلالة اللغوية للفظ الإنزال:
(النزول) في الأصل هو هبوط من علو، يقال في اللغة: نزل ينزل نزولا ومنزلا بمعني حلّ يحل حلولا; والمنزل بفتح الميم والزاي هو النزول، وهو الحلول، و(نزل) عن دابته بمعنى هبط من عليها، و(نزل) في مكان كذا أي حط رحله فيه، و(النزيل) هو الضيف. ويقال: (أنزله) غيره بمعني أضافه أو هبط به; و(استنزله) بمعنى: (نزله تنزيلا)، و(التنزيل) أيضاً هو القرآن الكريم، وهو(الإنزال المفرق)، وهو الترتيب; وعلى ذلك فإن الإنزال أعم من التنزيل; و(التنزل) هو(النزول في مهلة)، و(النزل) هو ما يهيأ (للنزيل) أي ما يعد (للنازل) من المكان،والفراش، والزاد، والجمع (أنزال); وهو أيضاً الحظ والريع، و(النزل) بفتحتين، و(المنزل) الدار والمنهل (أي المورد الذي ينتهل منه لأن به (ماء) أو هو عين ماء ترده الإبل في المراعي، وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق (السفر); و(المنزلة) مثله، أو هي الرتبة أو المرتبة، ويقال استنزِلْ فلاناً (بضم التاء وكسر الزاي) أي حط من مرتبته، و(المُنزَل) بضم الميم وفتح الزاي(الإنزال)، نقول: رب أنزلني(منزلاً) مباركاً، وأنت خير(المنزلين); و(إنزال) الله تعالى نعمه ونقمه على الخلق هو إعطاؤهم إياها، وقال المفسرون في قول الحق (تبارك وتعالى): ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: 13]، إن(نزلة) هنا تعني مرة أخري. وفي قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً﴾[الكهف: 107]. قال الأخفش: هو من(نزول) الناس بعضهم على بعض، يقال: ما وجدنا عندك نزلا; و(النازلة): الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس، وجمعها(نوازل); و(النزال) في الحرب(المنازلة); و(النزلة هي الزكمة من الزكام، يقال به(نزلة)، وقد نزل بضم النون(9).
النيازك والحديد:
يتساقط في كل عام آلاف النيازك والشهب على كوكب الأرض، التي قد يزن بعضها أحياناً عشرات الأطنان، ففي سنة 1902م عثر على نيزك في الولايات المتحدة بلغ (62 طناً) مكوّناً من سبائك الحديد والنيكل. أما في ولاية "أريزونا" فقد أحدث شهاب فوهةً ضخمةً عمقها (600 قدم) وقطرها (4000 قدم) وقد بلغت كميات الحديد المستخرجة من شظاياه الممزوجة بالنيكل عشرات الأطنان. قال "أرثر بيرز" في كتابه "الأرض": "قُسّمت النيازك إلى ثلاثة أقسام عامة:
1 -النيازك الحديدية: وهي متكونة من أكثر من 98% من الحديد والنيكل.
2 -النيازك الحديدية الحجرية: نصفها مكوّن تقريباً من الحديد والنيكل والنصف الآخر من نوع الصخر المعروف باسم ال "أوليفين".
3- النيازك الحجرية: التي تشتمل على حجارة، وتقسم حجارتها إلى عدة أنواع.
ويعتقد علماء الفلك حالياً أن النيازك والشهب ما هي إلا مقذوفات فلكية من ذرات مختلفة الأحجام، وتتألف من معدن الحديد وغيره، ولذلك كان معدن الحديد من أول المعادن التي عُرِفت للإنسانية على وجه الأرض، لأنه يتساقط بصورة نقية من السماء على شكل نيازك.(10)
إن أصل تكوّن الأرض عن طريق النمو التراكمي للكويكبات هي فرضية موثقة، والنيازك هي الأمثلة المحتملة للكويكبات التي عاشت في مرحلة ما قبل التكوكب من النظام الشمسي. هكذا يظهر أن الأرض قد تشكلت بتراكم الأجسام الصلبة مع التركيب المتوسط للنيازك الحجرية.
إن الرسل القادمة من الفضاء الخارجي زودت الثقافات القديمة الراقية في بلاد مابين النهرين ومصر بالمعدن السماوي الحديد قبل أن يتعلم الناس استكشافه هنا على الأرض بزمن طويل. ولم تعرف كيفية استعمال العالم القديم لهذا المعدن السماوي إلا في القرن الحالي. ففي عام 1922م قام عالم الآثار (هاورد howa-صلى الله عليه وسلم-d) باكتشاف مهم بعد عشرين عاماً من البحث عن الآثار المصرية في وادي الملوك، حيث ظن أن هناك قبراً ملكياً واحداً لم يكتشف بعد. وبعد اختراقه عدداً من الجدران والأبواب وجد نفسه في قاعة أمامية تحتوي على عدد كبير من مواد الدفن.
وقد كتم هوارد أنفاسه وهو يفتح الأبواب المؤدية إلى الضريح ويتساءل هل سبق للصوص جريئين أن وصلوا إلى هذا المكان قبله. وهناك رأى مومياء توت عنخ أمون. وكان هوارد أول من وقعت عيناه على هذا المنظر منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام.
ومن بين مجموعة من المواد بلغت 143 قطعة عثر هوارد على خنجر يحتمل أن يكون نصله مصنوعاً من حديد أحد النيازك، وكان الخنجر هدية بعث بها ملك الحثيين من بلاد مابين النهرين إلى حاكم مصر وكان عمره أربعة آلاف سنة.(11)
هنا برز التساؤل: من أين جاءت الكمية الهائلة من حديد الأرض؟ والتي تفوق ثلث كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طنًا.
(أي: 6 x 10 18 x 35.9 % = 2.154 x 10 18 طنًا من الحديد)؟. بالدراسة المستفيضة ثبت أن النجوم تمر بمراحل عدة في تاريخ حياتها منها مراحل تتوهج فيها توهجاً شديداً فتعرف باسم: المستعرات والمستعرات العظمى، وإن درجة حرارة لب النجوم في تلك المرحلة تتعدى عشرات البلايين من الدرجات المطلقة، وأن لب هذه المستعرات والمستعرات العظمى هي الأماكن الوحيدة المعروفة لنا في صفحة الجزء المدرك من الكون التي تتم فيها عملية الاندماج النووي حتى يتحول لب النجم بالكامل إلى حديد، وبتحوله إلى حديد يستهلك طاقة النجم بالكامل فينفجر وتتناثر أشلاؤه في صفحة الكون، وبذلك يصل الحديد إلى عدد من أجرام السماء من مثل كوكب الأرض، تماماً كما تصلنا نيازك الحديد اليوم.
هذه الملاحظة الصحيحة قادت إلى التصور الصحيح أن الأرض عند انفصالها عن الشمس (أو عن السحابة الكونية التي نشأت عنها مجموعتنا الشمسية) لم تكن سوى كومة من الرماد ليس فيها عناصر أعلى من الألمونيوم والسيليكون، ثم رجمت بوابل من النيازك الحديدية، والصخرية، والحديدية الصخرية، التي تحركت بحكم كثافتها الأعلى من كثافة الأرض الابتدائية (كومة الرماد) فتحركت إلى مركز تلك الكومة حيث انصهرت بحرارة الاستقرار وصهرت كومة الرماد، ومايزتها إلى سبع أرضين(12).
حقائق علمية عن الحديد:
1- كشف علماء الجيولوجيا أن 35% من مكونات الأرض هي من الحديد.
2- الحديد أكثر المعادن ثباتاً وتصل كثافته إلى 7874 كم3، وبذلك يحفظ توازن الأرض.
3- يتميز الحديد بأعلى الخصائص المغناطيسية وذلك للمحافظة على جاذبية الأرض.
4- أصل الحديد من مخلفات الشهب والنيازك التي تتساقط من الفضاء الخارجي على كوكب الأرض، حيث تتساقط آلاف النيازك التي قد يزن البعض منها عشرات الأطنان وقد تم اكتشاف بعضها في أستراليا وأميركا.
5- لا تتكوّن ذرّة واحدة من معدن الحديد إلا بطاقة هائلة تفوق مجموع الطاقة الشمسية(13).
شبهة ورد:
أنقل أولاً الشبهة بالنص كما جاءت من صاحبها وناقل الكفر ليس بكافر لاسيما إذا كان النقل على سبيل التفنيد والتبيين:
(يتصور المسلمون بأن قرآنهم يحوي معجزات علمية حديثة، وهم في محاولتهم تلك يلوون عنق اللغة العربية ويجعلون القرآن ينطق بما لم يخطر على بال كاتبه(14)، في مثالنا هذا حول المعجزة المزعومة في القرآن بأن الحديد أتى إلينا من الفضاء الخارجي نجد المحاولة الخائبة من المسلمين مفضوحة تماماً بلا ستر أو أستار، لأن القرآن نفسه ينقضها نقضاً واضحاً، تقول سورة الحديد: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾[الحديد: 25]"، ويحاول مسلم هذا العصر أن يقول لنا بأن مقصد القرآن بأن الحديد أنزل من السماء ولم يتكون على الأرض، ولكني يجب أن أتوقف عند آية مشابهة وأفحصها هي الأخرى، تقول سورة الزمر الآية 6: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾، يقول ابن كثير في تفسير الآية: وقوله تعالى:﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر: 6] أي وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية أزواج وهي المذكورة في سورة الأنعام، ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأنعام: 143].
إذاً من الواضح لنا تماماً بأن هذه الأنعام ليست إلا حيوانات: إبلاً، بقراً، ضأناً، ومعزاً. إذًا وجب علي الأيمان بأن {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ} تعني نزوله من الفضاء الخارجي إلى الأرض (مخالفاً كل تفاسير ثقات المفسرين للآية) أو يجب علي أن أؤمن بأن الإبل، والبقر، والضأن، والمعز كلهم قد هبطوا إلى أرضنا من الفضاء الخارجي أيضاً؛ لأن القرآن يقول: {وَأَنزَلَ لَكُم}. أو إذا قلت بأن معنى: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ﴾، هو خلق لكم من الأنعام. إذًا يجب أن أسلم بأن {أنزلنا الحديد} تعني أيضا خلقنا الحديد. وإذا لم تعجبك هذه المقارنة، قارن أنت بنفسك آية الحديد إلى الأعراف (26): ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ﴾ لا تقل لي بأن اللباس (وهو الملابس) قد هبطت علينا من السماء أيضاً؟! إذا لم يعجبك كلامي راجع تفاسير القرآن بنفسك)(15).
الجواب:
للرد على هذه الشبهة يجب أولاً أن أسرد بعض مقاطع من الآيات وأقتطعها من آياتها جرياً على طريقة أولئك الذين يلقون بشبههم ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً أو أنهم جاؤوا بأمور لم يسبقهم إليها آباؤهم الأولون فعلى طريقتهم في فهم كتاب الله فالويل كل الويل لمن صلى فالله تعالى يقول: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: 4] وكذلك على الدعاة أن يبلغوا أقوامهم بترك الصلاة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ﴾ [النساء: 43] وهكذا ومن هنا يتضح لك من أول وهلة أن أولئك لم يفهموا كتاب الله على مراد الله الذي أنزله على خلقه والقائل: ﴿هو أعلم بكم﴾ [النجم: 32]. فالأصل أن يؤخذ الكلام بكامله لا جزءاً منه.
أما ما استشهد به من أقوال أئمة المفسرين من قولهم إن معنى الإنزال في آية الحديد هو الخلق فمن فمك أُدِينُكَ كما يقال، فإن الله يقول: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53]، فمن أين يعلم العباد كل الغيب وهم بشر لا يملكون من الأمر شيئاً خاصة وأنهم علماء مجتهدون فإن أصابوا فلهم الأجر مرتين وإن أخطئوا فهم مأجورون على كل حال ولكن هذا لا يعني أنهم معصومون، ولا أن يكون ما يقولونه حجة على كتاب الله أو على خلقه فوجه الإعجاز إنما هو موافقة ما يكتشفه علماء العصر اليوم سواء من المسلمين أو غيرهم لما جاء في كتاب الله أو في سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فتكون هذه الموافقة حجة دامغة على أن القرآن والسنة المطهرة إنما هما من عند عليم خبير خالق لهذا الكون لا من عند بشر يخطئ ويصيب.
ومن هنا يتضح معنى قوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53].
فهذه الآية تنص على أن الله سيجعل في هذا القرآن من الآيات والأدلة ما بها تقوم الحجة على الخلق وإلى قيام الساعة وليس لزمن محدود أو عصر من العصور فمن أين تريد أن يعلم المفسر الذي عاش قبل ثمانمائة سنة بهذه الدقائق الكونية التي ما عرفها أحد قبله ولا بعده إلا بعد أن تراكمت الجهود واخترعت وسائل الكشف والمراقبة؟
ولذلك إذا أخذنا كلمة (أنزلنا) فيجب أن نحكم على معناها من سياق الآية التي وردت فيها ولا نقارنها بآية أخرى وردت فيها نفس الكلمة لأن سياق الآية الأخرى قد يكون مختلف فتختلف معه كلمة (أنزلنا) وهذا هو الخطأ الذي وقع فيه أصحاب الشبهة ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيد﴾ [الحديد: 25] من أين جاءت الكتب السماوية؟ ألم تنزل من السماء على أنبياء الله إلى الأرض ألم ينزل الزبور وألواح التوراة على داوود وموسى إلى الأرض إذن كلمة ﴿أَنزَلْنَا مَعَهُمُ﴾ معناها أنها نزلت من السماء إلى الأرض وبالتالي فإن سياق الآية يتجه إلى بيان بعض ما انزله الله على عباده من السماء وجاءت ﴿أَنزَلْنَا مَعَهُمُ﴾معطوفة على ما قبلها لتبين استمرارية الآية في عرض صورة أخرى من صور الإنزال من السماء على الأرض بعد إنزال الكتاب والميزان...إذن أنزلنا الحديد معناه هبوطه من السماء.
أما سورة الزمر فالآية تتحدث عن خلق الإنسان ثم جاء ذكر الأنعام: ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [الزمر: 6] إذن سياق الآية تتحدث عن الخلق لذلك (أنزلنا) معناها هنا الخلق.
لأننا كما قلنا لا نأخذ معنى كلمة لها عدة دلالات من آيات مختلفة ولكن نأخذ معناها من سياق الآية التي ذكرت فيها فمعنى كلمة (أنزلنا) في سورة الحديد هو الهبوط من السماء مهما كان معنى كلمة (أنزلنا) في سورة الزمر سواء كانت الخلق أو الهبوط، إن ظاهرة تباين دلالة اللفظ تبعاً للسياق من الخصائص الأساسية في لغات التخاطب وهي أجلى ما تكون في لغة القرآن الكريم، وسماها اللغويون "الوجوه" والدلالات المعجمية لنفس اللفظ لا يتحدد إحداها إلا من خلال السياق، والدلالة الحسية في (أنزلنا) لا تُستبعد إلا بقرائن صارفة ولا تنفي الدلالة المعنوية، أما في قوله تعالى: ﴿وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنّاسِ﴾ [الحديد: 25]؛ فيستقيم حمل لفظ (الإنزال) على الأصل وهو الدلالة الحسية باعتبار تعلق المقام هنا بخلق الأرض لمجيء بيان إنزال الحديد وهو من أثقل مكونات الأرض في مقابل بيان إخراج المواد الأخف من الأرض نحو السطح في قوله تعالى: ﴿وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: 30-32].
وهذا ما يتفق تماماً مع المعرفة الحديثة بخروج كل ما أدى في النهاية إلى وجود مظاهر الحياة من نبات وحيوان المعبر عنها باللفظ الجامع (مَرْعَاهَا) بعد التهيئة بتكثف بخار الماء وانقشاع دخان البراكين في مقابل هبوط أثقل المواد ممثلة بالحديد نحو لب الأرض الذي يتكون معظمه بالفعل من الحديد، وناسب اقتصار نزول الحديد على ما دون الجو الخلو من الإضافة (من السماء) التي لازمت في مواضع عديدة بيان نزول الماء من السحب في الجو نحو قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء﴾[النمل: 60]، ويتفق هذا مع تكون الأرض من طبقات يعلو بعضها بعضاً أخفها الأعلى وأثقلها هو ما فيها في الباطن، وتلك الحقيقة العلمية يتضمنها بيان أحداث نهاية الأرض المعلومة لدينا اليوم في قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: 2].
وفي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا الأرْضُ مُدّتْ. وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلّتْ﴾ [الانشقاق: 3، 4]؛ فالوصف متعلق بالأرض المعهودة حالياً لأن ضمير (أثقالها) وضمير (ما فيها) عائد قطعا عليها نفسها.(16)
العلاقة بين رقم سورة الحديد ورقم الآية بكل من الوزن والعدد الذري للحديد:
للحديد ثلاثة نظائر يقدر وزنها الذري بحوالي: 57،56،54 ولكن أكثرها انتشاراً هو النظير الذي يحمل الوزن الذري 56 (55،847)، ومن الغريب أن رقم سورة الحديد في المصحف الشريف هو 57، وهو يتفق مع الوزن الذري لأحد نظائر الحديد، ولكن القرآن الكريم يخاطب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في سورة الحجر بقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: 87] وواضح من هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم بنصه يفصل فاتحة الكتاب عن بقية القرآن الكريم، وبذلك يصبح رقم سورة الحديد (56) وهو الوزن الذري لأكثر نظائر الحديد شيوعاً في الأرض.
كذلك وصف سورة الفاتحة بالسبع المثاني وآياتها ست يؤكد أن البسملة آية منها (ومن كل سورة من سور القرآن الكريم ذكرت في مقدمتها، وقد ذكرت في مقدمة كل سور القرآن الكريم ماعدا سورة (التوبة).
وعلى ذلك فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد إلي رقم آية الحديد وهو (25) أصبح رقم الآية (26) وهو نفس العدد الذري للحديد، ولا يمكن أن يكون هذا التوافق الدقيق قد جاء بمحض المصادفة لأنها لا يمكن أن تؤدي إلي هذا التوافق المبهر في دقته، وصدق الله العظيم الذي قال في وصفه للقرآن الكريم.﴿لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدا﴾ [النساء: 166]، وقوله تعالىَ: ﴿فَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82].(17)
وجه الإعجاز:
إن الإعجاز العلمي اصطلاح حديث قصد به ما تكشفه العلوم الحديثة من حقائق في هذا العصر بالذات لم يكن في مقدور البشرية من قبل أن تصل إليها، وتأتي هذه الحقائق مطابقة لخبر وارد في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة.
ووجه الإعجاز في الآية القرآنية الكريمة هو دلالة لفظ ﴿أنزلنا الحديد﴾ الذي يفيد هبوط الحديد من السماء، وهذا ما كشفت عنه الدراسات الفضائية والجيولوجية في النصف الثاني من القرن العشرين. وعلى الرغم من وجود إشارة واضحة إلى إنزال الحديد في كتاب الله حيث يقول -عز من قائل-: ﴿وَأنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [الحديد: 25].
وعلى ذلك فإن أغلب الذين تعرضوا لشرح هذه الآية القرآنية الكريمة، فسروا (الإنزال) بأنه استعارة لخلق وإيجاد عنصر الحديد.
ويعجب الإنسان من هذه الإشارة العلمية الدقيقة... إنزال الحديد إلى الأرض من السماء في كتاب الله، وفي هذا الحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل ألف وأربعمائة سنة، وهي حقيقة لم يتوصل إليها الإنسان إلا منذ عشرات قليلة من السنين، وهي شهادة حق على أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق، وأن هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، كان موصولاً بالوحي، ومعلمًا من قبل خالق السماوات والأرض، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ [النجم: 3-5].