الجواهري يهجو أحمد شوقي وحافظ إبراهيم..
لعل شعر الهجاء يكاد يكون خارج أغراض الشعر الحديث
ولكن شاعر العرب الأكبر أبى أن يقضي نحبه
دون أن يسلك دروب النوابغ من أسلافه
فهجا وأعتقد أنه آلم وقد وقع الفأس برأس الأديبين
من أرض الكنانة شوقي وحافظ
دونكم القصيدة :
يا لَلرفاق ومثلُ ما كابدتُه =مما أُلاقي كابَدَتْهُ رفاقي
وطني نقيض شُكوله فرجالهُ= شابوا وما شّبوا عن الأطواق
عِتْقُ النِجار يَبين بين خُيوله =أما الرجال به فغير عِتاق
ضرب الأسى سُوْراً عليه وأحدقت= سودُ الحوادث أيَّما إحداق
إيهٍ خليليَ لا تَرُزْني طامِعاً= في منطقي فيَريبَكَ استنطاقي
فلقد أكون وما غُلقن مقاولي= واليوم وهي كثيرة الأغلاق
إن أطوِ يلتهبِ الضميرُ ، وإن أبُحْ= يوما ففوق يدي يد الارهاق
ممَّ التعجبُّ صاحبِيَّ وإنما= قَسَمَ الحظوظ مقسِّم الأرزاق
والحَذق في سبك القريض وصوغه= متفاوت متفاوت الحُذاق
وأجلُّ ما ترك الفتى من بعده= أثرٌ على مر الليالي باق
لا يفخرنْ أحد علىَّ بشعره= الفخرُ مدَّخرٌ ليوم سباق
" شوقي وحافظ " لا يَجُسُّ سواكما =نَبْضَ القريض وما له من واق
لكما الخِيارُ إذا الرجال تنافسوا =أو حرّروا دعوى بلا مِصداقق
أن تَقْتُلا أو تُحرقِا متشاعراً =أو تقطعا يد شاعر سرّاق
هل تحكمانِ اليومَ حكماً عادلاً= خِلواً من الارهاب والاشفاق
في شاعر لزِم البُيوتَ وأخفقت= منه المآرب أيَّما إخفاق
لكما شكا ظلم العراقِ ، وذِلةٌ= أن يشتكي ظلمَ العراق عراقي
أهدى سوايَ نفيسَه وأنا الذي= أُهدي إليه نفائسَ الأعلاق
" شوقي وحافظ " أوضِحا في أيَّنا= لُطْفُ الخيال والشعورُ الراقي
أأنا الذي اتخذ البلاد شعاره= أم هم وقد لبسوا ثياب نفاق
في كل يوم في رداءٍ وَفْقَ= ما تفضي بذلك عملةُ " الأوراق "
وأنا الذ أعطى القوافيَ حقها= مِن ناصعاتٍ في البيان رِقاق
ومهذَّباتٍ جمةٍ عشاقُها " أن المليحة جمة العشاق "
تُجلى على قُرَّائها فتُميلُهُمْ= سكراً كما يَجلو السُّلافَ الساقي
أم هم وكم بيتٍ لهم مستجَنٍ= ناب عن الأسماع والأذواق
وأنا الذي صان القريض عن الذي= يُزري به من فُرقةٍ وشِقاق
ومدائح كانت لفرط غُلُوِّها= تشكو من المخلوق للخلاق
أم هم وقد باعوا الضمائر واشتروا= عيشَ الذليل وبُلغةَ الأرماق
غَنَّوا سواهم يطلُبون عَتاده= فكأنهم " جَوْق " من الأجواق
أبياتُكمْ تبقى لهمْ وهباتُهُمْ= ليست بباقية على الانفاق
وأجلُّ من هبةٍ يُذِلَّ بها الفتى= أشعارَهُ صبرٌ على الاملاق
عاراً أرى وانا " الأديب " بضاعتي= معروضةً كبضائعِ الأسواق
كيف التجددُ في القريض وأهلُه =شدّتْهُمُ أطماعهم بوثَاق
أخذوا على الآداب من عاداتهم= وجمودِهم فيها بكل خناق
إني لأصبو للقريض تهذّبت= منه الحواشي ، صبوةَ المشتاق
وأُريدُ شعراً ليس في أبياته= غيرُ القلوب تَبِين للأحداق
وأجل ما خلق الاله لخلقه= وحسابُ فضلِ الله غير مطاق:
الشعرُ في تأثيره ، والغيثُ= في آثاره ، والشمسُ في الاشراق