بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احذروا.. السيئات الجارية
يقول الله سبحانه وتعالى:{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ }[يس : 12] ...
الناس بعد الممات ينقسمون إلى قسمين باعتبار جريان الحسنات والسيئات عليهم:
القسم الأول:
من يموت وتنقطع حسناته وسيئاته على السواء،
فليس له إلا ما قدَّم في حياته الدنيا.
**********
القسم الثاني:
من يموت وتبقى آثار أعماله من حسناتٍ وسيئاتٍ تجري عليه،
وهذا القسم على ثلاثة أصناف:
**********
الأول:
من يموت وتجري عليه حسناته وسيئاته، فمثل هذا يتوقف مصيره
على رجحان أيٍ من كفتي الحسنات أم السيئات.
**********
الثاني:
من يموت وتنقطع سيئاته، وتبقى حسناته تجري عليه وهو في قبره،
فينال منها بقدر إخلاصه لله تعالى واجتهاده
في الأعمال الصالحة في حياته الدنيا،
فيا طيب عيشه ويا سعادته.
**********
الثالث:
من يموت وتنقطع حسناته، وتبقى سيئاته تجري عليه
دهراً من الزمان إن لم يكن الدهر كله،
فهو نائم في قبره ورصيده من السيئات يزداد يوماً بعد يوم،
حتى يأتي يوم القيامة بجبال من السيئات لم تكن في حسبانه،
فيا ندامته ويا خسارته.
إنَّ الحديث عن الحسنات والسيئات أمرٌ لا مفرَّ منه،
لأنَّ الحساب يوم القيامة يكون بالموازين،
يقول الله تعالى: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [الأنبياء: 47] ...
كثيرٌ من الناس يغفلون عن مسألة السيئات الجارية وخطورة شأنها،
لأنَّ من السيئات ما إذا مات صاحبها فإنها تنتهي بموته،
ولا يمتد أثر تلك السيئات إلى غير صاحبها،
ولكنْ من السيئات ما تستمر ولا تتوقف بموت صاحبها، بل تبقى وتجري عليه،
**********
وفي ذلك يقول أبو حامد الغزالي: " طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه،
والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة
ومائتي سنة أو أكثر يعذب بها في قبره
ويسئل عنها إلى آخر انقراضها " ( إحياء علوم الدين 2/74 ) ...
**********
وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ محذِّرة من هذا النوع من السيئات، منها قوله تعالى:
( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )[النحل : 25] ،
**********
وقوله صلى الله عليه وسلم :
وفي رواية: ( وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ
مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ)
صحيح مسلم برقم (2398)،
وبما أننا نعيش في عصرٍ تيسَّرتْ فيه وسائل الاتصالات ونقل المعلومات
أصبح من الأهمية بمكان التذكير بشناعة السيئات الجارية
ومدى خطورتها على صاحبها، فكم من إنسان أهلك نفسه
وحمَّل كاهله سيئاتٍ لم تكن محسوبة عندما نصَّب نفسه داعياً
إلى الضلال وناشراً إلى المنكر من حيث يشعر أو لا يشعر ...
منقول