تدبر ( الجزء الثامن والعشرون ) ..سورة المجادلة ..
ما الفرق بين قوله تعالى : ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المجادلة : 4 ،
وقوله بعدها ( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) المجادلة : 5 ؟
الفرق أن الكافرين على نوعين :فالكافر غير المحاد لله ورسوله له عذاب أليم
أم الكافر المحاد والمعادي لله ورسوله فله مع العذاب الأليم الكبت والإذلال
والقهر والخيبة في الدنيا والآخرة فناسب كل خاتمة ما ذكر قبلها .
الإسكافي / درة التنزيل ( ص: 272 ) .
♡♡♡
لو رمى العبد بكل معصية جحراً في داره ، لامتلأت داره في مدة يسيرة قريبة من عمره ،
ولكنه يتساهل في حفظ المعاصي ، والملكان يحفظان عليه ذلك : ( أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ) المجادلة : 6 .
أبو حامد الغزالي / إحياء علوم الدين 4/406 .
♡♡♡
من عمل بهذا القرآن تصديقاً وطاعة وتخلفاً : فإن الله تعالى يرفعه به في الدنيا وفي الآخرة ،
وذلك لأن هذا القرآن هو أصل العلم ، ومنبع العلم ، وكل العلم ،
وقد قال الله تعالى : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) المجادلة : 11 .
ابن عثيمين / شرح رياض الصالحين 4/646 .
♡♡♡
دل قوله تعالى : ( فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) المجادلة : 11 ،
على أن كل من وسع على عباد الله أبواب الخير والراحة ، وسع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة ،
ولا ينبغي للعاقل أن يقيد الآية بالتفسح والتوسع في المجلس ، بل المراد منه إيصال
أي خير إلى المسلم ، وأدخال السرور في قلبه .
الرازي / مفاتيح الغيب 29/234 .
♡♡♡
قال تعالى عن المنافقين : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ) المجادلة : 18 ،
وهذا يقتضي توغلهم في النفاق ورسوخه فيهم وأنه باق في أرواحهم بعد بعثهم ؛
لأن نفوسهم خرجت من عالم الدنيا متخلقة به ، فإن النفوس إنما تكتسب تزكية أو خبثاً في عالم التكليف .
ابن عاشور / التحرير والتنوير 28/52 .
.. ..
سورة الحشر ..أبو بكر الصديق هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن ؛
لأن الله تعالى يقول : ( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ
فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) الحشر : 8 ،
فمن سماه الله صادقاً فليس يكذب ، وقد ناداه الصحابة : فقالوا : يا خليفة رسول الله !
أبو بكر بن عياش .
♡♡♡
( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً
وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) الحشر : 8 ،
والصادقون في هذه الآية الذين جمعوا بين صدق اللسان ، وصدق الأفعال ؛
لأن أفعالهم في أمر هجرتهم إنما كانت وفق أقوالهم .
ابن عطية / المحرر الوجيز 5/261 .
♡♡♡
( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ
وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر : 10 ،
ذكر الله في هذا الدعاء نفي الغل عن القلب الشامل لقليل الغل وكثيره ،
الذي إذا انتفى ثبت ضده ، وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح ،
ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين .
ابن سعدي / تفسيره : ص ( 851 ) .
♡♡♡
في قوله تعالى : ( يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ) الحشر : 10 ،
إشارة إلى أنه يحسن بالداعي إذا أراد أن يدعو لنفسه ولغيره أن يبدأ بنفسه ، ثم يثني بغيره ،
ولهذا الدعاء نظائر كثيرة في الكتاب والسنة .
د. محمد الحمد .
♡♡♡
قال تعالى عن اليهود : ( بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ) الحشر : 14 ،
يعني أن البأس الشديد الذي يوصفون به إنما يكون إذا كان بعضهم مع بعض ، فأما إذا قاتلوكم
لم يبق لهم ذلك البأس والشدة ؛ لأن الشجاع يجبن والعزيز يذل عند محاربة الله ورسوله ،
كما قال تعالى قبلها : ( لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ) الحشر : 13 .
الرازي / مفاتيح الغيب 29 / 252 .
♡♡♡
تفرق القلوب واختلافها من ضعف العقل ، قال تعالى : ( تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) الحشر : 14 ،
وعلل ذلك بقوله : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ ) ،
ولا دواء لذلك إلا بإنارة العقل بنور الوحي ؛ فنور الوحي يحيي من كان ميتاً ، ويضيء الطريق للمتمسك به .
الشنقيطي / أضواء البيان 3/53 .
♡♡♡
قال تعالى : ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) الحشر : 19 ،
ثم قال بعدها : ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) الحشر : 21 ،
ذكر هذه الآية بعد بيان حال الفاسقين ينبه على أن ما أوقع الفاسقين في الهلكة إنما هو إهمالهم
القرآن الكريم والتدبر فيه ، وذلك من نسيانهم الله تعالى .
ابن عاشور / التحرير والتنوير 28/116 .
♡♡♡
عن الضحاك في قوله تعالى : ( لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ
خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الحشر : 21 ،
قال : لو أنزل هذا القرآن على جبل فأمرته بالذي أمرتكم به وخوفته بالذي خوفتكم به
إذاً لخشع وتصدع من خشية الله ، فأنتم أحق أن تخشوا وتذلوا وتلين قلوبكم لذكر الله .
الدر المنثور 8/121 .
.. ..
سورة الجمعة ..( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ ) الجمعة : 2 ، في قوله : ( مِّنْهُمْ ) فائدتان :
الأولى : أنه كأمته الأمية ، لم يقرأ كتاباً ، ولا خطه بيمينه ، ومع ذلك أتى بهذا القرآن الذي
ما سمعوا بمثله ، وهذا برهان صدقه .
والثانية : التنبيه على معرفتهم بنسبه ، وشرفه ، وعفته ، وصدقه ، بل لم يكذب قط ،
فمن لم يكذب على الناس أفيكذب على الله ؟! .
ابن رجب .
♡♡♡
ابتدئ بالتلاوة في قوله تعالى : ( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ) الجمعة : 2 ؛
لأن أول تبليغ الدعوة بإبلاغ الوحي ، وثنى بالتزكية ؛ لأن ابتداء الدعوة بالتطهير من
الرجس المعنوي وهو الشرك ، وما يعلق به مساوئ الأعمال والطباع .
ابن عاشور / التحرير والتنوير 28/209 .
♡♡♡
( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) الجمعة : 5 ،
قال الضحاك : كتباً لا يدري ما فيها ! هذا مثل ضربه الله لهذه الأمة ، أي : وأنتم إن
لم تعملوا بهذا الكتاب ،كان مثلكم كمثلهم .
الدر المنثور 14/457 .
♡♡♡
ضرب الله مثل الذي لا ينتفع بما أوتي : بالحمار يحمل أسفاراً ، ولعل من حِكم ذكر هذا المثل
في سورة الجمعة ألا يكون حظ الخطيب والمأموم من خطبة الجمعة كحظهما قبلها !.
♡♡♡
( كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) الجمعة : 5 ،
قال ميمون بن مهران : الحمار لا يدري أسفر على ظهره أم زبيل ، فهكذا اليهود .
وفي هذا تنبيه من الله تعالى لما حمل الكتاب أن يتعلم معانيه ويعلم ما فيه ،
لئلا يلحقه من الذم ما لحق هؤلاء .
القرطبي 20/456 .
♡♡♡
( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ( 6)
وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) الجمعة : 6-7 ،
لما زعم اليهود أنهم أبناء لله وأحباؤه ، وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى ،
دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم ، أو من المسلمين .
فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد أنهم ظالمون ؛ لأنهم لو كانوا جازمين بما هم
فيه لكانوا أقدموا على ذلك ، فلما تأخروا علم كذبهم .
ابن كثير / تفسيره 1/332 .
♡♡♡
( إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) الجمعة : 9 ،
إذا أمر الله بترك البيع الذي ترغب فيه النفوس ، وتحرص عليه ، فترك غيره
من الشواغل من باب أولى ، كالصناعات وغيرها .
السعدي / خلاصة تفسير القرآن ، ص : 153 .
♡♡♡
من ثمرات تدبر المشتركين :
الشريعة جامعة بين القيام بحق الله تعالى كالصلاة والذكر ، وبين القيام بمصالح النفس
كالسعي في الرزق ؛ وذلك ظاهر من قوله تعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي
الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الجمعة : 10 .
♡♡♡
( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ) الجمعة : 10 ،
ينبغي للمؤمن الموفق وقت اشتغاله في مكاسب الدنيا أن يقصد بذلك الاستعانة
على قيامه بالواجبات ،
وأن يكون مستعيناً بالله في ذلك ، طالباً لفضله ، جاعلاً الرجاء والطمع في
فضل الله نصب عينيه ، فإن التعلق بالله والطمع في فضله من الإيمان ومن العبادات .
السعدي / خلاصة تفسير القرآن ، ص : 154 .
♡♡♡
دل قوله تعالى : ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ ) الجمعة : 11 ،
على أنه ينبغي للعبد – المقبل على عبادة الله – وقت دواعي النفس لحضور اللهو والتجارات والشهوات
أن يذكرها بما عند الله من الخيرات ، وما لمؤثر رضاه على هواه .
ابن سعدي / تفسيره ص : 863 .
.. ..
سورة المنافقون
ما حرمه الله وكرهه مما فيه جمال ؛ إنما حرم وكره لاشتماله على مكروه يبغضه الله أعظم
مما فيه من محبوبه ،
وكذلك الصور الجميلة من الرجال والنساء ، فإن أحدهم إذا كان خلقه سيئاً
– بأن يكون فاجراً ، أو كافراً أو منافقاً – كان البغض أو المقت لخلقه ودينه مستعليا
على ما فيه من الجمال ، كما قال تعالى عن المنافقين : ( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ )
المنافقون : 4 .
ابن تيمية / الاستقامة 1/445 .
♡♡♡
في قوله تعالى عن المنافقين : ( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) المنافقون : 4 ،
شبهوا بالخشب لذهاب عقولهم ، وفراغ قلوبهم من الإيمان ، ولم يكتف بجعلها خشباً ،
حتى جعلها مسندة إلى الحائط ،
لأن الخشب لا ينتفع بها إلا إذا كانت في سقف أو مكان ينتفع بها ، وأما إذا كانت
مهملة فإنها مسندة إلى الحيطان أو ملقاة على الأرض .
أبو حيان / البحر المحيط 10/276 .
♡♡♡
( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ) المنافقون : 4 ، يتعجب المرء لأول وهلة من هذا الوصف !
فكأنه لا عدو سواهم ! مع أنهم يصلون ، ويصومون ، ويحجون ، وقد يتصدقون ،
ويزول التعجب إذا عرفت حقيقتهم ، فقلوبهم انطوت على حقد وبغض لهذا الدين وأهله ،
وحب لأعدائه ، يدرك ذلك بكرههم للجهاد ولمزهم للعلماء والمصلحين ، مع إعجاب وإشادة
برؤوس الضلال والمنافقين : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(11)
أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ ) البقرة : 11012 .
أ.د. ناصر العمر .
♡♡♡
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )
المنافقون : 9 ،
في ذلك تحذير من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر ربهم ، إذ هذه علامتهم ،
ولذا فإن كثرة ذكر الله أمان من النفاق ، والله تعالى أكرم من أن يبتلي قلباً ذاكرا بالنفاق ،
وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله عز وجل .
ابن القيم / الوابل الصيب ، ص : 110 .
♡♡♡
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ ) المنافقون : 9 ، ولم يقل : لا تشغلكم .
فلماذا ؟
الجواب : لأن من الشغل ما هو محمود ؛ وهو الشغل في الحق
كما في الحديث : ( إن في الصلاة لشغلا ) ،
وفي قوله تعالى : ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ) يس : 55 ،
أما الإلهاء فهو الاشتغال بما لا خير فيه ، وهو مذموم على وجه العموم ؛ فاختار ما هو أحق بالنهي .
د. السامرائي / لمسات بيانية ص 178-179 .
.. ..
سورة التغابن ..
هل قوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن : 16 ، تخفيف أم تكليف ؟
يحتمل الأمرين ،
فإن قلنا المعنى : لا تقصروا عما تستطيعون ، فهذا تكليف ،
وإن قلنا إن المعنى : لا يلزمكم فوق ما تستطيعون ، فهو تخفيف ،
وأكثر الناس يستدلون بهذه الآية في التخفيف دون التكليف .
ابن عثيمين / التعليق على السياسة الشرعية : 148 .
.. ..
سورة الطﻻق ..
{ ﻻ تخرجوهن من بيوتهن }
من نظر في آيات القرآن الكريم وجد أن البيوت مضافة إلى النساء
في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى ، مع أن البيوت للأزواج أو لأوليائهن ؛
وإنما حصلت هذه الإضافة – والله أعلم – مراعاة لاستمرار لزوم النساء للبيوت ،
فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن والتصاق به ، لا إضافة تمليك .
بكر أبو زيد / حراسة الفضيلة ( 127 ) .
♡♡♡
كثير من الناس لا يفهم الرزق في قوله تعالى : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق : 2-3 ،
إلا الرزق المالي ونحوه من المحسوسات ، ولكن الرزق أوسع من ذلك ؛
تأمل ماذا يقول ابن الجوزي : ورزق الله قد يكون بتيسير الصبر على البلاء .
صيد الخاطر ص : 303 .
♡♡♡
ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً ، وأخذت أفكر في الخلاص منه بكل حيلة ، فما استطعت ،
فعرضت لي هذه الآية : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ) الطلاق : 2 ،
فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم ، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج ! .
ابن الجوزي / صيد الخاطر ص 143 .
♡♡♡
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ) الطلاق : 2 ،
قال ابن مسعود : مخرجه أن يعلم أنه من قبل الله ، وأن الله هو الذي يعطيه ، وهو يمنعه ،
وهو يبتليه ، وهو يعافيه ، وهو يدفع عنه .
فتح القدير 5/340 .
♡♡♡
( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) الطلاق : 4 ، إذا رأيت أمورك متيسرة ومسهلة ،
وأن الله يعطيك من الخير – وإن كنت لا تحتسبه – فهذه لا شك بشرى ،
وإذا رأيت عكس ذلك ، فصحح مسارك فإن فيك بلاء ، وأما الاستدراج فيقع إذا كان العبد مقيماً على المعصية .
ابن عثيمين / تعليقه على القواعد الحسان ، ص : 53 .
♡♡♡
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق : 2-3 ،
كل من تدبر موارد التقوى في القرآن والسنة علم أنها سبب كل خير في الدنيا والآخرة ومفتاحه ،
وإنما تأتي المصائب والبلايا والمحن والعقوبات بسبب الإهمال أو الإخلال بالتقوى وإضاعتها ،
أو إضاعة جزء منها .
ابن باز / مجموع فتاواه 2/283 .
♡♡♡
( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْـدَ عُسْرٍ يُسْراً ) الطلاق : 7 ، لا ينقضي عجبك من مجيء هذه الآية
بعد تلك الأحوال الصعبة ،
والمضائق التي يمر بها الزوجان من طلاق ، ونزاع على رضاع ، وضيق في الرزق ،
فهي بشارة جلية ، وطمأنة إلهية ، فهل بعد هذا يسيطر اليأس أو القنوط على من قدر عليهما الطلاق ؟
إنها آية تكسب الأمل ، وتبعث على الفأل ، فما على العبد إلا أن يحسن الظن بربه ،
ويفعل الأسباب ، ثم ليبشر .
د. عمر المقبل .
♡♡♡
أكد تعالى ذكر التقوى وثمراتها بين آيات الطلاق والعدد في سورة الطلاق ؛
لأن أحكام الطلاق وضبط العدة من أحق الأشياء بالمراعاة وتأكيد الوصية ؛
لكثرة ما فيها من الانتصار للنفس وقصد الإضرار وتعدي حدود الله تعالى .
الإسكافي / درة التنزيل .
.. ..
سورة التحريم ..
قوله تعالى : ( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ
وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ) التحريم : 3 ،
فيه جواز إسرار بعض الحديث للزوجات ، وأنه يلزمهن كتمانه ، وإذا أذنب أحد
في حقك فلك أن تعاتبه ؛ ولكن ينبغي عدم الاستقصاء في التثريب وذكر الذنب .
د . محمد الخضيري .
♡♡♡
( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ ) التحريم : 10 ،
فقوله سبحانه ( تَحْتَ ) إعلام بأنه لا سلطان للمرأة على زوجها ، وإنما السلطان للزوج عليها ،
فالمرأة لا تجعل في مقابل الندية بالرجل ، فضلا عن أن تعلو عليه ، ففي ذلك خلاف الفطرة والشرع .
بكر بن عبد الله أبو زيد / حراسة الفضيلة ، ص : 19 .
♡♡♡
لكل أخت تشكو كثرة المغريات حولها ، أو تعاني من ضعف الناصر على الحق ،
اعتبري بحال امرأة جعلها الله مثلاً لكل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ، إنها امرأة فرعون ،
التي لم يمنعها طغيان زوجها ، ولا المغريات حولها ، أن تعلق قلبها بربها ،
فأثمر ذلك : الثبات ، ثم الجنة ، بل وصارت قدوة لنساء العالمين .
د . عمر المقبل .
المصدر : كتاب ليدبروا آياته