إن الحمد لله نحمد ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فصلى الله وسلم عليه وعلى أله وصحبه وسلم قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [size=21.3333][آل عمران: 102], وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [size=21.3333][النساء: 1][/size], وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما﴾ [size=21.3333][الأحزاب70 - 71][/size].[/size]
فلا شك أن العمل الصالح له أهمية كبيرة كيف لا وهو المقترن بأهم قضية وهي قضية الإيمان والحديث عن أهمية العمل الصالح تصعب في هذا البحث؛ لأن الحديث عن أهمية العمل الصالح تعني الحديث عن أهمية الصلاة، والحديث عن أهمية الزكاة والحج والصيام وأهمية الذكر وتلاوة القرآن، والإيثار والإنفاق والبذل، وتعني الحديث عن أهمية التفكر، والجهاد في سبيل الله، وصلة الأرحام، والكسب الحلال، والحديث عن أهمية العمل الصالح تعني الحديث عن أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن الدعاء وكذلك سائر القربات والطاعات والأعمال الصالحات، لذلك لن نتطرق في هذا البحث إلى أهمية العمل الصالح.
هذا العمل الصالح هناك ما يعوقه ويثبطه، وهذه المعوقات والمثبطات كثيرة كضعف اليقين بالله- عز وجل- والشبهات التي يلقيها أهل القلوب المريضة، والشيطان بما يوسوسه في قلب الإنسان، والهوى وإتباع غير الهدى الرباني، والجهل والغفلة، وأمراض القلوب كالكبر والنفاق، والعصبيات الجاهلية، والتقليد في الباطل، والتسويف والأمن من عقاب الله، والبدع في الدين، وحب الدنيا والإفراط فيها، فكلها تعيق الإنسان عن الإعمال الصالحة والقربات, ولعل من أهم هذه المعوقات وهي موضوع بحثنا هذا الصحبة السيئة والبيئة الفاسدة.
فالصحبة متى كانت سيئة فهي من أهم العوائق التي تعيق الإنسان عن القربات والأعمال الصالحات، لما لها من تأثير كبير على الإنسان.
يقول العلامة ابن خلدون -رحمه الله-: الإنسان مدني بالطبع فالاجتماع الإنساني ضروري(1)، فلإنسان بطبعه يحب الاجتماع والاختلاط مع الآخرين، فقد فطرة الله - عز وجل- على ذلك فلا يستطيع العيش وحيداً إلا أن هذه الاختلاط مع الآخرين قد يؤثر سلباً أو ايجاباً على الإنسان وذلك بحسب اختيار الصديق والجليس.
لذلك اهتمام الإسلام بموضوع اختيار الصديق، وأمر كما سيأتي بمجالسة واختيار الصالحين ونهي عن مجالسة الأشرار، وأهل الفسق والفجور.
وقبل الحديث عن تأثير الصحبة على الإنسان وإعاقته عن الأعمال الصالحات إذا كانت صحبة سيئة وبيئة فاسدة ناسب كما هي العادة تعريف معنى المعوق في لغة العرب.
- تعريف المعوق:
هو تَفْعِيل من عَاقَ يَعُوق والتَّعَوُّق التَّثَبُّط والتَّعْوِيقُ التَّثْبيط وفي التنزيل: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ﴾ [size=21.3333][الأحزاب: 18] قوم من المنافقين كانوا يُثَبِّطون أَنصار النبي صلى الله عليه وسلم(2).[/size]
قال في القاموس: العَوْقُ: الحَبْسُ والصَّرْفُ والتَّثْبيطُ كالتَّعْويقِ والاعْتِياقِ والرجُلُ الذي لا خَيْرَ عندَهُ ويجمع على أعْواقٌ، ومَنْ يُعَوِّقُ الناسَ عن الخَيْرِ كالعَوْقَةِ(3).
فهي بمعنى الصارف والمثبط والشاغل، فالمعوق هو الذي يثبط الإنسان ويصرفه عن فعل الشيء ويشغله عنه.
أهمية الصحبة:
فالصحبة السيئة والبيئة الفاسدة التي يعشها الفرد وخاصة الشباب من أخطر المعوقات التي تعيقه في السير إلى الله تبارك وتعالى والتقرب إليه بفعل الصالحات والقربات، ولأهمية هذا الموضوع فقد أمر الله -عز وجل- رسوله صلى الله عليه وسلم في اختيار من يجالسهم ويصاحبهم فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ [size=21.3333][الكهف: 28].[/size]
يقول ابن كثير -رحمه الله-: أي اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشيا من عباد الله سواء كانوا فقراء أو أغنياء أو أقوياء أو ضعفاء, وقوله: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ أي شغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ أي أعماله وأفعاله سفه وتفريط وضياع ولا تكن مطيعا ولا محبا لطريقته ولا تغبطه بما هو فيه(4).
وسيأتي في الأحاديث النبوية ما يدل على أهمية الصحبة الصالحة، وضرورة الابتعاد عن قرناء السوء لأنه كلما حاول الاقتراب من الله - عز وجل- بفعل ما أمر من فرائض ونوافل، واجتناب من نهى من المحرمات، يجد من قرناء السوء الصد والتثبيط، والدعوة إلى الشهوات والملذات، فيبقى الإنسان أسير هؤلاء القرناء.
فمن هم قرناء السوء؟ وما هي صفاتهم؟
لعل من أهم صفات قرناء السوء والتي نذكرها على وجه الإيجاز:
1- النفاق: وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافق خالصا ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر غير أن في حديث سفيان وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق»(5).
2- الصد عن ذكر الله قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [size=21.3333][الزخرف: 36-37].[/size]
3- الانغماس في الشهوات واللذات فهو يحب الشهوات والمحرمات قال تعالى: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ [size=21.3333][فصلت: 25].[/size]
4- تجده في الرخاء وتفقده في الشدة: ففي الرخاء تجده تجاهك يجالسك ويحادثك، وفي الشدة تجده يفر منك وكأنه لا يعرفك.(6) وقد قال بعض الأدباء لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرك ويستر عيبك فيكون معك في النوائب ويؤثرك بالرغائب وينشر حسنتك ويطوي سيئتك فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك.(7)
هؤلاء القرناء لهم تأثير على الإنسان، وسنذكر في هذا البحث إن شاء الله -عز وجل- تأثير الرفقة السيئة، وكذلك تأثير البيئة التي يعيشها عليه سواء بالخير أو الشر.
فمن القرآن الكريم:
من الأمثلة التي ذكرها القرآن الكريم على تأثير الصحبة، وبيان خطورة الصحبة على الإنسان، وأنها قد تورده المهالك قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً﴾ [size=21.3333][الفرقان: 27-29].[/size]
ففي هذه الآية يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه وسلك طريقا أخرى غير سبيل الرسول فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم وعض على يديه حسرة وأسفا.(8)
وسبب نزول هذه الآية كما يذكر أهل التفسير أنها نزلت في عقبة بن أبي معيط ذلك أنه كان أسلم أو جنح إلى الإسلام وكان أبي بن خلف الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يوم أحد خليلاً لعقبة فنهاه عن الإسلام فقبل نهيه فنزلت الآية،(9) والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
لكن الشاهد من القصة أنه أطاع خليله وقرينه، فكان سبباً في هلاكه وبعده عن الإيمان فضلاً عن العمل الصالح، وكان سبباً في حصول الندم والحسرة له يوم القيامة.
ففي هذه الآية تنبيهٌ لكل إنسان على تجنب قرين السوء، قال الشنقيطي- رحمه الله-: وهذه الآية الكريمة تدل على أن قرين السوء، قد يدخل قرينه النار، والتحذير من قرين السوء مشهور معروف.(10)
وقال سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [size=21.3333][الصافات: 51-57].[/size]
القرين: هو المصاحب الملازم شبهت الملازمة الغالبة بالقرْن بين شيئين بحيث لا ينفصلان.(11)
ففي هذه الآية يخبر الحق تبارك وتعالى عن صاحب من أهل الإيمان وقرين كان شريك له، وما كان بينهما من الصحبة وما نتيجة هذا الصحبة لو أنه أطاع صاحبه وشريكه، فالصاحب والرفيق قد يكون سببا ًوعوناً على العمل الصالح كالحث على الصدقة، وقد يكون مانعاً منها وسبباً في الهلاك.
فقد ذكر أهل التفسير في هذه الآية قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل كانت بين رجل من أهل الإيمان وشريك له قال ابن جرير -رحمه الله-: عن فرات بن ثعلبة البهراني في قوله: ﴿إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ قال: إن رجلين كانا شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار وكان أحدهما له حرفة والآخر ليس له حرفة فقال الذي له حرفة للآخر: ليس لك حرفة ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه وفارقه ثم إن الرجل اشترى دارا بألف دينار كانت لملك قد مات فدعا صاحبه فأراه فقال: كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار؟ قال: ما أحسنها فلما خرج قال: اللهم إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار، وإني أسألك داراً من دور الجنة فتصدق بألف دينار ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم إنه تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال: إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال: ما أحسن هذا فلما انصرف قال: يا رب إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين فتصدق بألف دينار ثم إنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه فقال: إني ابتعت هذين البستانين فقال: ما أحسن هذا فلما خرج قال: يا رب إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار وأنا أسألك بستانين من الجنة فتصدق بألفي دينار ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله بستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك: ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا قال: فإنه ذاك ولك هذا المنزل والبستانان، والمرأة قال فإنه كان لي صاحب يقول أإنك لمن المصدقين قيل له فإنه في الجحيم قال هل أنتم مطلعون؟ فاطلع فرآه في سواء الجحيم.(12)
وهذه القصة كما يقول الإمام ابن كثير تدخل في عموم هذه الآية(13)، وهناك روايات أخرى لهذه القصة والشاهد منها:
أن المؤمن لم يطع صاحبه وصديقه الملازم له في عدم الصدقة وفعل الخيرات فكان من الفائزين، ولو صدقه لكان من الهالكين ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾.فالصحبة السيئة من معوقات العمل الصالح ومن أسباب الهلاك، وقد أقسم هذا الصاحب المؤمن كما في هذه الآيات على ذلك يقول الشنقيطي -رحمه الله-: وقد بين جل وعلا في سورة الصافات: أن رجلاً من أهل الجنة أقسم بالله أن قرينه كاد يرديه أي يهلكه بعذاب النار، ولكن لطف الله به فتداركه برحمته وإنعامه فهداه وأنقذه من النار.(14)
وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ﴾ [size=21.3333][الزخرف: 36-38].[/size]
فالقرين والصاحب السيئ سواء كان من شياطين الإنس أو الجن يعوق صاحبه عن كل ما هو خير وصالح، ويصدونهم عن الهدى والنور. فقوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾ أي الشياطين يصدّون هؤلاء الذين يعشون عن ذكر الله، عن سبيل الحقّ، فيزينون لهم الضلالة، ويكرهون إليهم الإيمان بالله، والعمل بطاعته(15).
فمن ﴿يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾ يتعامى ويتغافل ويعرض، والعشا في العين: ضعف بصرها. والمراد هاهنا: عشا البصيرة، ﴿نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ أي صاحب ملازم له يضله، ويهديه إلى صراط الجحيم(16).
فالمقصود من الآية التحذير من قرين السوء وعواقبه، وذم الشياطين ليعافهم النّاس ويحذروهم، لأنهم يصدون عن كل خير، لذلك يتمنى يوم القيامة أن يبتعد عنه كما بين المشرق والمغرب من البعد.
فوظيفة قرناء السوء من الشياطين أن يصدوا قرناءهم عن سبيل الله، بينما هؤلاء يحسبون أنهم مهتدون وهذا أسوأ ما يصنعه قرين بقرين، أن يصده عن السبيل الواحدة القاصدة؛ ثم لا يدعه يفيق، أو يتبين الضلال فيثوب؛ إنما يوهمه أنه سائر في الطريق القاصد القويم! حتى يصطدم بالمصير الأليم... وفي نهاية المطاف ينظر الواحد منهم إلى قرين السوء الذي زين له الضلال، وأوهمه أنه الهدى! وقاده في طريق الهلاك، وهو يلوح له بالسلامة! ينظر إليه في حنق يقول: ﴿يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ يا ليته لم يكن بيننا لقاء، على هذا البعد السحيق.(17)
فهؤلاء القرناء يصدونهم بالتزيين والتحسين لكل المعاصي حتى ينغمسوا في كل إثم، ويدخلوا في كل باطل وشر، ويضلوا عن الصراط المستقيم، فالصحبة السيئة والبيئة الفاسدة التي يعيشها مع هؤلاء القرناء تعيق الإنسان عن الأعمال الصالحات بل قد تعيقه عن الإيمان كما ذكرنا سابقاً.
والقرآن الكريم يحذر من الصحبة السيئة، وترك الصحبة الصالحة، فيقول سبحانه: ﴿وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيْدُ زِيْنَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتََّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [size=21.3333][الكهف: 28].[/size]
ويبين حقيقتها يوم القيامة فقال سبحانه: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ [size=21.3333][الزخرف: 66-67].[/size]
فالصداقة والصحبة السيئة تكون يوم القيامة عداوة وبغضاء، ويصيبها الانقطاع ويتبرأ بعضهم من بعض لأنها مبنية على معصية الله -عز وجل- أسسها مبنية على ترك أوامره والعمل بنواهيه فكانت هذه النتيجة الحتمية.
فالصديق السيئ يحث صاحبه على فعل المنكرات وترك الأعمال الصالحات، فلكما أراد أن يتوب ويرجع كان صاحبه مانع له يزين له المنهيات، ويصعب عليه فعل الخيرات، فيتبين له يوم القيامة حقيقة هذا الصاحب، وتتحول هذه الصداقة التي كانت في الدنيا إلى عداوة وكراهية يوم القيامة، ويبقى أهل الإيمان أهل الرفقة الحسنة هم المتحابون والمتخالون.
ويذكر الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حقيقة الصحبة الصالحة، والصحبة السيئة فيقول: خليلان مؤمنان، وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال: يا ربّ إن فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير، وينهاني عن الشرّ ويخبرني أني ملاقيك يا ربّ فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني، فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما فيقول: ليثن أحدكما على صاحبه فيقول: يا ربّ إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير، وينهاني عن الشرّ، ويخبرني أني ملاقيك، فيقول: نعم الخليل، ونعم الأخ، ونعم الصاحب: قال: ويموت أحد الكافرين فيقول: يا ربّ إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشرّ، وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فيقول: بئس الأخ، وبئس الخليل، وبئس الصاحب.(18)
فيوم القيامة يتعادى ويتباغضُ كُلُّ خليل كان في الدنيا على غير تُقًى؛ لأَنَّه يرى أَنَّ الضَّرَرَ دخل عليه من قِبَلِ خليله، وأَمَّا المُتَّقُونَ فَيَرَوْنَ أَنَّ النفْعَ دخَلَ من بعضهم على بعض.(19)
ولله در القائل(20):
تجنب قرين السوء واصرم حباله *** فإن لم تجد عنه محيصا فداره
وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه *** تنل منه صفو الود ما لم تماره.
وقال بعضهم(21):
إذَا كُنْتَ في قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُم *** وَلاَ تَصْحبِ الأردى فتردى مَعَ الرَّدِي
عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِه *** فَكُلُّ قَرِينٍ بالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
من السنة النبوية:
وفي السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تبين أهمية اختيار الصاحب والرفيق، وأن من أسباب الخير والصلاح وحصول الفلاح الرفيق الصالح، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير(22) الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة»(23).
ففي هذا الحديث تمثيل منه -صلى الله عليه وسلم- يبين فيه فضيلة الجليس الصالح، وخطر مجالسة جليس السوء وقد بوب الإمام النووي في شرح مسلم باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السواء وقال فيه تمثيله صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بحامل المسك والجليس السوء بنافخ الكير وفيه فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب والنهي عن مجالسة أهل الشر وأهل البدع ومن يغتاب الناس أو يكثر فجره وبطالته ونحو ذلك من الأنواع المذمومة.(24)
فالنبي صلى الله عليه وسلم يحض على مجالسة من في مجالسته الخير وفعل الصالحات، وينهى عن مجالسة من في مجالسته الأذى قال في عمدة القاري: والحديث يستفاد منه فيه النهي عن مجالسة من يتأذى بمجالسته كالمغتاب والخائض في الباطل، والندب إلي من ينال بمجالسته الخير من ذكر الله وتعلم العلم وأفعال البر كلها.(25)
فصحبة الصالحين والعلماء وأهل الفضل فيها النفع في الدنيا والآخرة، وصحبة الأشرار والفساق تضر في الدين والدنيا والآخرة.
فعن أبي سعيد -رضي الله عنه-: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:«لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي»(26), لأن المؤمن هو الذي يعينك على فعل الأعمال الصالحات، أما الصاحب السيئ فهو يعيقك عن العمل الصالح.
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على خطورة وأهمية الصحبة فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»(27).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «على دين خليله» أي على عادة صاحبه وطريقته وسيرته «فلينظر» أي يتأمل ويتدبر من يخالل فمن رضي دينه وخلقه اتخذه خليلاً ومن لا تجنبه فإن الطباع سراقة.(28)
يقول الإمام الغزالي -رحمه الله-: "مجالسة الحريص ومخالطته تحرك الحرص ومجالسة الزاهد ومخاللته تزهد في الدنيا لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء بل الطبع من حيث لا يدري"(29).
ويرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مصاحبة من في مصاحبته سبب لكل خير، ويحذر من مصاحبة من في مصاحبة سبب لكل شر، وهل التثبيط عن العمل الصالح إلا من الشر فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه»(30).
فالخير مرضاة الله والشر سخطه فإذا رضي الله عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحا للخير فإن رؤى ذكر الخير برؤيته وإن حضر حضر الخير معه، وإن نطق نطق بخير وعليه من الله سمات ظاهرة لأنه يتقلب في الخير بعمل الخير وينطق بخير ويفكر في خير ويضمر خيرا فهو مفتاح الخير حسبما حضر وسبب الخير لكل من صحبه، والآخر يتقلب في شر ويعمل شرا وينطق بشر ويفكر في شر ويضمر شرا فهو مفتاح الشر لذلك فصحبة الأول دواء والثاني داء.(31)
قصة من قتل مائة نفس:
ومن الأدلة على تأثير البيئة الفاسدة على الإنسان ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة من قتل مائة نفس فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء»(32), فانظر كيف أثرت عليه هذه البيئة الفاسدة التي كان يعشها، حتى أرتكب هذه الكبيرة العظيمة، فكان لابد من الخروج من هذه البيئة الفاسدة إلى بيئة صالحه تعينه على عبادة الله- عز وجل- وترك هذه الكبيرة، فكانت نصيحة ذلك العالم له بالخروج منها إلى مكان به أناسا صالحون يعبدون الله -عز وجل- فيعبده معهم.
السلف الصالح:
ونجد سلف هذه الأمة يقدم النصح بحسن اختيار الرفيق والجليس لما في ذلك من النفع لهذا الإنسان،وأن الإهمال لهذه القضية يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يغلبك منه واعتزل عدوك وأحذر صديقك إلا الأمين من القوم ولا أمين إلا من خشي الله فلا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره ولا تطلعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى.(33)
وهذا أبو الدرداء يقول لولا ثلاث ما أحببت العيش يوما واحدا الظمأ لله بالهواجر والسجود لله في جوف الليل، ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر.(34)
ويقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: ثلاث مَن كنَّ فيه ملأ الله قلبَه إيماناً صحبة الفقيه، وتلاوة القرآن، والصيام.
وقال معاذ -رضي الله عنه-: إياك وكل جليس لا يفيدك علما.(35)
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: لا تجالس عدوك، فإنه يحفظ عليك سقطاتك، ويماريك في صوابك.
وهذا الأحنف بن قيس يبين فضل الجليس الصالح فيقول: الكلام بالخير أفضل من السكوت والسكوت خير من الكلام باللغو والباطل والجليس الصالح خير من الوحدة والوحدة خير من جليس السوء.(36)
وقال علقمة العطاردى وهو يوصي ابنه حين حضرته الوفاة قال: يا بني إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مؤنة مانك اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى سيئة سدها اصحب من إذا سألته أعطاك وإن سكت ابتداك وإن نزلت بك نازلة واساك، اصحب من إذا قلت صدق قولك وإن حاولتما أمرا أمرك وإن تنازعتما آثرك.(37)
وقال سفيان الثوري إذا أردت أن تعرف ما لك عند صديقك فأغضبه فإن أنصفك وإلا فاجتنبه(38), وقال أبو حاتم بن حبان: وما رأيت شيئا أدل على شيء-ولا الدخان على النار- مثل الصاحب على الصاحب.(39)
وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-:
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه *** فكم من جاهل أردى حليما حين آخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه *** و للشيء من الشيء مقاييس وأشباه.(40)
وقال لبيد -رضي الله عنه-:
ما عاتب المرء اللبيب كنفسه *** والمرء يصلحه الجليس الصالح.(41)
وقد تحدث الإمام ابن القيم -رحمه الله- عن الأصدقاء: فقال أحدهم كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة منهم العلماء بالله تعالى، والثاني كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دمت صحيحا فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغنى عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وقيام ما أنت محتاج إليه من أنواع المعاملات والمشاركات والإستشارة والعلاج، والثالث كالداء وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه.(42)
وقال بعض العلماء لا تصحب إلا أحد رجلين رجل تتعلم منه شيئا في أمر دينك فينفعك أو رجل تعلمه شيئا في أمر دينه فيقبل منك و الثالث فاهرب منه.(42)
آثار الصحبة السيئة:
ومن جملة ما سبق يتبين لنا آثار الصحبة السيئة على الإنسان:
- فالمرء مع من أحب: فالمرء يحشر يوم القيامة مع من أحب، فمن كان مصاحب للأشرار حشر معهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب»(44).
- الإعانة على المعصية وعدم تقوى الله وطاعته.
- الغفلة وإتباع الأهواء: فصحبة الغافلين تعين على الغفلة قال تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ [size=21.3333][الكهف: 28]، وقال تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ [size=21.3333][النجم: 29][/size].[/size]
- التثبيط عن فعل الخيرات وعمل الصالحات وهو موضوع بحثنا هذا.
- يسد طريق الهداية أمامك كما في قصة عقبة بن أبي معيط مع أبي بن خلف.
- يهون عليه المعصية، ويزين له فعل المنكرات.
- العيشة الضنكه والحياة التعيسة، والقلق النفسي.
- سوء الذكر: فمرافقة الصالحين ينال منها الإنسان الثناء والذكر الحسن فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، ألم ترى إلى كلب أصحاب الكهف فقد ذكر في القرآن الكريم لأنه سار مع الصالحين، أما مرافقة أهل الشر والفساد فليس منها إلا سوء الذكر.
- طريق إلى النار: فكما أن الصحبة الصالحة طريق إلى الجنة فالصحبة السيئة طريق إلى النار أعاذنا لله منها جميعاً.
ولذلك يجب على الإنسان أن ينظر إلى من يصاحب فإن كان من أهل الخير والصلاح فليحمد الله -عز وجل- على ذلك، ويداوم عليه، وإن كان غير ذلك فليراجع نفسه فهو على خطر عظيم حتى لا يلحقه الندم والحسرة يوم لا ينفع صديق ولا حميم.
ويجب أن يكون له صديقٌ صالحٌ يعينه على الطاعة ويبعده عن المعصية يحثه على فعل الصالحات وينهاه عن فعل المنكرات، ويذكره عند الغفلات، ويقف معه عند الأزمات، ويرشده إلى الخير والصواب, فهو خير صديق وجليس عن ابن عباس -رضي الله عنه-: قال قيل يا رسول الله أي جلسائنا خير؟ قال: «من ذكركم الله رؤيته، وزاد في علمكم منطقه، وذكركم بالآخرة عمله»(45), وما أحوجنا في زماننا هذا إلى مثل هؤلاء الرفقاء فهم خير عون ورفيق في زمن الغربة.
ونسأل من الله -عز وجل- التوفيق والسداد والرشد والصواب، والبراءة من قرين السوء, وله الحمد والنعمة، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.