ألم نشرح لك صدرك؟
في معرض المنة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ذكر الله تعالى أنه شرح له صدره فقال تعالى (ألم نشرح لك صدرك). وشرح صدره
عليه الصلاة والسلام وقع حسيا في صغره لما كان مسترضعا عند حليمة السعدية والآخر في مكة قبل حادثة الإسراء والمعراج.
ولكن المعنى الثاني لشرح صدره هو الأعظم وذلك بتوسيعه وجعله رحيبا واسعا سهلا لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق. لقد شرح الله صدره ليتحمل
أعباء الرسالة وهموم الدعوة
ليلاطف الخلق ويتجاوز عن المسيء ويصفح عن الفاجر الظلوم. إن شرح صدره هو الذي جعله يصفح ويعفو ويسمح ، جعله يقابل الإساءة
بالإحسان والقطيعة بالوصل ، والجهل بالحلم ، والحرمان بالعطية. لقد شرح الله صدره حتى كان الأعرابي يأتيه يجره ببردته حتى تؤثر في صفحة
عنقه يقول مر لي من مال الله الذي أعطاك لا من مال أبيك ولا أمك ، فما يزيد على أن يبتسم ويأمر له بعطاء. وهو الذي جعله ينصت للعجوز
في طريق من طرق المدينة بلا كبر ولا ملل حتى تنتهي من بث شكواها.
لما شرح الله صدره تحمل الأذى وصبر على الشقاء داعيا إلى رب الأرض والسماء . لقد شرح الله له صدره حتى قال لملك الجبال عندما استأذنه
أن يطبق الأخشبين – جبلين – على أهل الطائف : إني أدعو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا. ولقد تحمل ذلك القلب
الكبير أذى قريش وقطيعتهم حتى كادوا أن يقتلوه في أحد وكسروا رباعيته وشجوا رأسه ومع هذا كان يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
ولما ظفر بهم في فتح مكة قال : ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم . قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء .
لقد نور الله قلبه عليه الصلاة والسلام ووسع صدره حتى بلغ رسالة ربه شريعة ميسرة حنيفية سمحة. ما فتر ولا تعب ولا كلّ حتى وهو يعاين
الموت ويصارع السكرات يقول معلما وناصحا وموجها ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) .
لقد صبر عليه الصلاة والسلام صبرا تعجز عن مثله الجبال الراسية ، فلقد مات عمه وماتت زوجه خديجة رضي الله عنها وأخرج من بلد ورمته
العرب عن قوس واحدة ومع هذا يقول لأبي بكر رضي الله عنه وهما في الغار يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى أخمص قدمه لرآنا، قال : يا أبا
بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ، لا تحزن إن الله معنا
إنها المنحة العظمى \" شرح الصدور\" ولأهميتها طلبها موسى عليه السلام ، قال الله تعالى مخبرا عن ذلك ( رب اشرح لي صدري )، إننا
بحاجة ماسة إلى قلوب مطمئنة مؤمنة راضية حتى نستطيع أن نكون قدوات في عالم مليء بالصدور الضيقة الحرجة
[/center]
موقع المأوى[/center]