الذي كان يتعهده ويحافظ عليه سيدنا ومولانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو ركعتا الضحى ، ووقتهم بعد شروق الشمس بثلث ساعة إلى قبل الظهر بثلث ساعة ، وأقلها ركعتان ولا حد لمنتهاها
والحَبيب صلَّى الله عليه وسلَّم علل وبين سر تعهده لها فقال صلَّى الله عليه وسلَّم مما علمه ربه {يصبح على كل سّلامى من ابن آدم صدقة - وسلامة يعني فقارة- وعددها ثلاث مائة وستون فقَّارة- وسبحان الله لم تحصَ بهذا العدد إلا في العصر الحديث في علم التشريح ، وهي الفقرات التي بالظهر والفقارات التي في اليدين والفقارات التى في الجسم كله
فكوني أستيقظ في الصباح وأجد أن هذه الفقارات تعمل ، من الذي لينها وشحمها لكي تؤدي عملها؟ الله عز وجل ، فلو لم يزيتها ملك الملوك أين أجد لها الزيت؟ هل يوجد هذا الزيت في أي صيدلية؟ِ
من يحدث له خشونة من الذي يستطيع أن يزيت له هذه الخشونة؟ والذي يحدث عنده تيبس من الذي يستطيع أن يفك له هذا التيبس؟ لا يوجد
ولذلك أنصح إخواني بهذه النصيحة التي اوصت بها جمعية الأطباء الأمريكيين حيث قالوا : ان المحافظة على الصلاة بالنظام الإسلامي تجعل الفرد لا يصاب بأي خلل في فقرات العمود الفقري ، وعندما أسمع الآن أن فلان مصاب بإنزلاق غضروفي ؛ أعلم أنه غير محافظ على الصلاة في وقتها
لأن أي مؤمن سيحافظ على فرائض الله ونوافل رسول الله كيف يصاب بالإنزلاق الغضروفي أو التيبس؟ لا يأتيه مثل ذلك ابداً لأنها التحصينات الإلهية , فإذا ترك هذه التحصينات فتح على نفسه الباب في الوقوع في هذه الأعراض وهذه الأمراض والنبي قال ذلك :
{يُصْبِح عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ - وعددها ثلاث مائة وستون - . فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ. وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. – فتحير الناس كيف يأتون بالثلاثمائة وستون صدقة؟ فأشار إلى أنها سهلة ميسورة ،فقال وَيُجَزِىءُ، مِنْ ذَلِكَ، رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى}[1]
يعني إذا صليت ركعتي الضحى تكون قد شكرت الله على تشغيل كل الفقرات التى في جسمك وقدمت الشكر لله {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (7) ابراهيم
فما الذي يضيرني بعد ان أفطر ، أن أتوضأ وأصلي ركعتى الضحى ، وأخرج إلى العمل وأنا على وضوء ، وأكون قد تسلحت بسلاح المؤمن الذي قال فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الوضوء سلاح المؤمن ، وفى الحديث (لايحافظ على الوضوء إلا مؤمن)[2]
وإذا كنت مشغولا أتوضأ ، وبعد أن أصل إلى العمل انتهز أي فرصة وأصلي الركعتين ، وبذلك أكون باركت مكان العمل حتى يؤمنني الله فيه من الخطر والزلل ومن أهل الشر والمنافقين
والصالحون قد عودوا أنفسهم على المداومة ، ونحن لا نستطيع المداومة، فالإنسان غير الملتزم في العلاج الطبي يستمر على الدواء يومين أو ثلاثة ثم يتركه ، وهذا الأمر عينه طبقناه على الأدوية القرآنية والأشفية النبوية ، لكن الصالحين عباداتهم دائمة ، ولذلك لا يفرقون بين رمضان وغير رمضان {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} (37) النور
هل ذلك في رمضان أم في كل وقت آن؟ باستمرار وعلى الدوام وهذه هي نوافل الصلاة ، والفريضة الأولى علينا جماعة المؤمنين هي الشهادتان {شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله} وقد أمرنا الله أن نتلفظ بها في كل صلاة مرة أو مرتين في أثناء التشهد الأخير ، هل لها نوافل ؟ نعم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً }الأحزاب41
فلا يكفي أن أنطق بالشهادتين في الصلاة مرتين وحسب فماذا يمنعني في أثناء قعودي أو ذهابي أو إيابي أو نومي من تحريك اللسان بذكر الله قال صلَّى الله عليه وسلَّم {ما عمل آدمي عملاً قط أنحى له من عذاب الله، من ذكر الله}[3]
من يا رسول الله من أصحابك في المكانات العالية؟ قال {سَبَقَ المُفَرِّدُونَ، قَالُوا يَا رَسُولَ الله وَمَا المُفَرِّدُونَ؟ قالَ المُسْتَهْتِرُونَ في ذِكْرِ الله. يَضَعُ الذِّكْرُ عَنْهُمْ أَثْقَالَهمْ فَيَأْتُونَ يَوْمَ القيامَةِ خِفَافاً }[4]
[1] صحيح مسلم ، عَنْ أَبِي ذَرَ رضي الله عنه
[2] الترغيب وفى الإرواء ، عن ثوبان رضي الله عنه
[3] عن معاذ بن جبل ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
[4] سنن الترمذى عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه