السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
_____________________
تفسير قول الله تعالى : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفاً )
السؤال/
ما المراد بالروح في قوله تعالى : (يوم يقوم الروح والملائكة
صفا) الآية 38 من سورة النبأ ؟ يقول ابن كثير و الطبري قال بن
عباس و مجاهد و أبو صالح و الأعمش ( أنهم خلق من خلق الله
على صور بني آدم و ليسوا بملائكة و لا بشر و هم يأكلون و
يشربون ) فهل هذا صحيح ؟ و ماذا قال العلماء حول معنى هذا
"الخلق قبل آدم " ؟ هل هم من الجن أم لهم علاقة ببني آدم ؟ و هل
كانوا مخلوقين قبل آدم ؟ جزاكم الله خيراً
الجواب : الحمد لله
اختلف المفسرون في المراد ب " الروح " في قوله تعالى : ( يَوْمَ
يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ
صَوَابًا ) النبأ/38 على أقوال كثيرة ، منها هذا القول الذي ذكرت .
قال ابن كثير رحمه الله : " وقوله: ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ
صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ ) اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا ، ما هو؟ على أقوال :
أحدها : رواه العوفي عن ابن عباس : أنهم أرواح بني آدم .
الثاني : هم بنو آدم . قاله الحسن، وقتادة ، وقال قتادة : هذا مما كان ابن عباس يكتمه.
الثالث : أنهم خَلق من خلق الله ، على صُور بني آدم ، وليسوا
بملائكة ولا ببشر ، وهم يأكلون ويشربون . قاله ابن عباس ،
ومجاهد ، وأبو صالح والأعمش.
الرابع : هو جبريل . قاله الشعبي ، وسعيد بن جبير ، والضحاك .
ويستشهد لهذا القول بقوله: ( نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ
لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) [الشعراء : 193 ، 194] وقال مقاتل بن
حيان : الروح : أشرف الملائكة ، وأقرب إلى الرب عز وجل ،
وصاحب الوحي.
والخامس : أنه القرآن . قاله ابن زيد، كقوله: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ) الآية [الشورى : 52].
والسادس : أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات ؛ قال علي
بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله: ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ ) قال:
هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقًا ".
واختار ابن كثير القول الثاني .
قال رحمه الله " وتَوَقَّفَ ابنُ جرير فلم يقطَع بواحد من هذه الأقوال
كلها ، والأشبه والله أعلم أنهم بنو آدم " انتهى من "تفسير ابن
كثير" (8/ 309).
وعبارة ابن جرير : " والصواب من القول أن يقال: إن الله تعالى
ذكره أخبر أنّ خَلْقَه لا يملكون منه خطابا ، يوم يقوم الرُّوح ،
والرُّوح خَلْق من خَلْقِه، وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي
ذكرت ، والله أعلم أيّ ذلك هو ،ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعنيّ
به دون غيره يجب التسليم له ، ولاحجة تدلّ عليه ، وغير ضائر
الجهل به " انتهى من "تفسير ابن جرير" (24/ 177).
واقتصر الشيخ السعدي والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله - في
تفسيريهما - على القول بأنه جبريل عليه السلام .
وقال الشيخ عطية سالم رحمه الله في تكملة "أضواء البيان" (8/
413) : " والذي يشهد له القرآن بمثل هذا النص أنه جبريل -
عليه السلام - ، كما في قوله تعالى : ( تنزّل الملائكة والروح فيها
بإذن ربهم من كل أمر) [القدر: 4] .
ففيه عطف الملائكة على الروح من باب عطف العام على الخاص ،
وفي سورة «القدر» عطف الخاص على العام . والله تعالى أعلم ".
وليس في القول المسئول عنه أن هذا الخلق المشبه لبني آدم كان
قبل آدم عليه السلام ، فقد يكون قبله ، وقد يكون بعده .
وتقدم في جواب السؤال رقم (72470)الكلام على مسألة : هل
كان قبل آدم عليه السلام على الأرض أحد ؟
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 412) : " هل كان
يسكن الأرض قبل خلق أبينا آدم - عليه السلام -أحد ، أم كان هو
أول المخلوقات ؟
الجواب : لا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة يدل على أن الأرض
كانت مسكونة قبل آدم - عليه السلام - ، غير أنه جاء عن بعض
السلف ، أن الجن كانوا هم سكان الأرض ، قبل خلق آدم - عليه
السلام - ، فلعل ذلك مأخوذ من أهل الكتاب . والله أعلم .
وقد بسط القول في ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) عند قوله تعالى من سورة البقرة : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) [البقرة: 30] فارجع إليه " انتهى . وهذه المسألة لا يترتب عليها عمل ، ولا يضرّ الجهل بها كما قال ابن جرير رحمه الله في المسألة الأولى . والله أعلم . _________ الإسلام سؤال وجواب