ندما تقيم علاقة مع شخص ما فانت كمن يفتح حسابًا في بنكٍ جديد، وطالما كانت العلاقة مستمرة فأنت تودع بعض المبالغ المالية في هذا الحساب، وأنت قد تودع مبلغًا كبيرًا دفعة واحدة أو مبالغ صغيرة متتالية، والأفضل أن توازن بين الاثنين، على كل حال أنت تودع ولكن كيف؟
إن تحية الصباح أو الإبتسامة تعتبر مبلغًا صغيرًا يمكن إيداعه، كذلك الهدية والمجاملة والكلمة اللطيفة، المساعدة والمؤازرة والتحمل، مشاطرة الأفراح والأتراح، والأهم الالتزام، كلما كنت ملتزمًا كلما زاد رصيدك، والالتزام في الحقيقة ليس له حدود، فقد تلتزم بابتسامتك تجاه هذا الشخص، أو تلتزم بتذكر عيد ميلاده أو مشروبه المفضل أو حتى مقدار السكر الذي يفضله مع فنجان الشاي، وقد تلتزم في وعودك ومقابلاتك، وهكذا لا يمكن أن تبلغ حد النهاية في الالتزام.
وإذا كان كل ما سبق ليس إلا طرقًا للإدياع فماذا عن السحب؟ هل يمكنك فعلاً سحب بعض ما تودع؟ الحقيقة أنك بالفعل تودع مبالغ ثم تسحبها مرة أخرى لكن ليس بالضرورة أن تسحب باستمرار، والسحب طبيعي في أي علاقة ولكن الإسراف فيه هو الخطأ، حيث أن الإسراف قد يجعلك تواجه يومًا بهذه العبارة القاسية : "عفوًا لقد نفذ رصيدك" إذن كيف يتم السحب؟
عندما تقابل شخصًا ما وأنت في مزاج سيء فلا تهتم بتحيته بالشكل المعتاد أو اللائق فإن هذا يعتبر سحبًا من رصديك، وعندما تنسى تاريخ ميلاده أو تهنئته في العيد أو في أي مناسبة سعيدة فإن هذا الآخر يعد سحبًا، وعندما تخلف وعدًا أو موعدًا وإن كانت ظروفك حتمية ولك مبرراتك المقنعة فإن هذا يعد سحبًا، وهكذا تجد أن كل سلوك سلبي يعد سحبًا، وإذا أنت قد بالغت فيما تسحبه من حسابك فحتمًا سينفذ رصيدك، بعض الأشخاص يحب أن يمنح الآخرين فرصة للإستدانة وإعادة السداد فيما بعد، ولكن تلك الفرص محدودة وليست مطلقة، لهذا احذر أن تستخدم مميزات كتلك في علاقاتك بالآخرين.
هناك شكل آخر من أشكال التعامل التي تتم مع هذا الحساب لكنها تقع بين الإيداع والسحب، وهي علاقة تبادل، فأنت تحول بعضًا من حسابك للشخص الآخر، كيف؟ عندما تحتاج للدعم والتأييد والمساعدة فإنك تمنح طرف العلاقة الآخر بعضًا من حسابك نظير مساعدته له، في المقابل يقوم هو بتقديم المساعدة لك فيزيد من حسابه لديك، كأنه يحول لك مبلغًا من رصيدك عنده فيزداد رصيده عندك، وأنت أيضًا تزيد رصيده بما تدفعه نظير المساعدة، قد تبدو الصورة جافة عندما نحولها لما يشبه التعاملات البنكية، ولكن هذا هو التصور الأصدق، فعندما تعتذر لشريكك في أي علاقة عن أمر ما، أو موعد ما ، أو تسء إليه دون قصد أو تخاصمه لبعض الوقت مهما كانت أهدافك أو نواياك أو تقسو عليه فاعلم أن هذا سينتقص حتمًا من رصيدك لديه، فكن حذرًا ولا تسرف.
وتجنب أن تبلغ حد الإفلاس، والمؤشرات على ذلك عديدة منها أن تواجه بلا مبالاة من شريكك، وهذا يعني أنك قد اجتزت الخط الأحمر وأصبحت فعلاً مهدد بخطورة الإفلاس، والأسوأ أن تواجه بقسوة الإفلاس وتنتهي الفرص وتنقطع العلاقة مالم تسعى أنت لإصلاح ما أفسدت بإسرافك.
منقول