ذكر أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في كتاب روضة المحبين ، أن امرأة جميلة كانت بمكة ، وكان لها زوج ، فنظرت يوماً إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها : أترى أحداً يرى هذا الوجه ولا يُفتن به؟
قال: نعم ، قالت : من هو؟ ، قال: عبيد بن عمير ، قالت: فائذن لي فيه فلأفتننه ، فقال : قد أذنت لك.
فأتته كالمستفتية ، فخلا معها في ناحية من نواحي المسجد الحرام ، فأسفرت عن وجه مثل فلقه القمر ، فقال لها : يا أمة الله استتري ، فقالت : إنى قد فتنت بك ، قال: إني سائلك عن شيء ، فإن أنت صدقتينى نظرت في أمرك ، قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك ، قال : أخبريني لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسرك أن أقضى لك هذه الحاجة؟
قالت : اللهم لا.
قال: صدقت ، ثم قال : فلو دخلت قبرك ، وأجلست للمسألة أكان يسرك أنى قضيتها لك؟
قالت : اللهم لا.
قال: صدقت ، ثم قال : فلو أن الناس أعطوا كتبهم ، ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك أكان يسرك أنى قضيتها لك؟
قالت : اللهم لا.
قال : صدقت ، ثم قال : فلو أردت الممر على الصراط ، ولا تدرين هل تنجين أولا تنجين ، أكان يسرك أنى قضيتها لك؟
قالت : اللهم لا.
قال : صدقت ، ثم قال : فلو جيء بالميزان وجيء بك ، فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل ، أكان يسرك أنى قضيتها لك؟
قالت : اللهم لا.
قال: صدقت ، ثم قال : اتقى الله ، فقد أنعم وأحسن إليك ، فرجعت المرأة إلى زوجها ، فقال : ما صنعت؟ ، قالت : أنت بطال ونحن بطالون ، ثم أقبلت على الصلاة والصوم والعبادة.
فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد بن عمير أفسد عليَّ امرأتي ، كانت في كل ليلة عروساً فصيرها راهبة.