عن كثير بن زيد قال: كَبُرَ حكيمُ بنُ حزامٍ حتى ذهب بصرُهُ، ثم اشتكى فاشتدَّ وجعُهُ، فقلتُ: لأحْضُرَنَّهُ ولأنْظُرَنَّ ما يَتَكَلَّمُ به، فإذا هو يُهَمهِمُ ويقول: « لا إله إلا الله أُحِبُكَ وأخشاك » حتى مات.
ولما حضرت أبا هريرة الوفاةُ بكى قالوا: ما يبكيك؟ قال: « بُعد السفر، وقلة الزاد، وضعف اليقين، وخوف الوقوع من الصراط في النار».
ولما حضرت معاذَ بنَ جبل الوفاةُ قال: « أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، ثم قال: مرحباً بالموت زائرٌ مغيب، وحبيبٌ جاء على فاقة، اللهم إني كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لِكَرْيِ الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لطول ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالرٌّكب عند حلق الذكر» ثم قُبِضَ -رحمه الله
ولما حضرت أبا الدرداء الوفاةُ جعل يجود بنفسه ويقول: « ألا رجلٌ يعمل لمثل مصرعي هذا؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟». ثم قُبِضَ -رحمه الله-.
فيا أيها الغافل المهمل المفرط -وكلنا كذلك- انتبه!! وتصوَّر صَرعةَ الموت لنفسِكَ، وتصوَّر نزعَهُ لِرُوحِك، وتصوَّر كُرَبَهُ وسَكَراتِهِ وغُصَصَهُ وغَمَّهُ وقَلَقَهُ.
وتصوَّر بُدُوَّ المَلَكِ لِجَذبِ رُوحِك من قدمَيك، ثم الاستمرارَ لجذب الروح من جميع بدنك فَنُشِطَتْ مِن أسفَلِكَ مُتصاعِدةً إلى أعلاك حتى إذا بلغ منك الكربُ والوجعُ والألمُ منتهاهُ وعمَّتِ الآلام جميع بدَنِك، وقلبُكَ وجِلٌ محزونٌ منتظرٌ إمَّا البُشرى من الله بالرضا وإمَّا بالغضب
فتصوَّر تلك الأهوال والعظائِم بعقل فارغٍ، وعزيمة صادقة، وراجع نفسَكَ ما دُمتَ في قيدِ الحياة، وتُبْ إلى الله توبةً نصوحاً عن ما يكرهه مَولاكَ، وتضرَّعْ إليه وابكِ من خشيتِهِ لعله يرحمُكَ ويُقيلُ عثرتَك فإن الخطرَ عظيم والبدنَ ضعيف والموتَ منك قريب