أي رسل الله وهم الذين اوحي الله اليهم بالشرائع وأمرهم بتبليغها ، وأولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم .
الدليل على ان أولهم نوح عليه السلام قوله تعالى "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ "[النساء : 163]؛
يعني : وحيا ؛ كإيحائنا الى نوح والنبيين من بعده ، وهو وحي الرسالة . وقوله "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ [الحديد : 26] : ( فِي ذُرِّيَّتِهِمَا )؛ أي ذرية نوح وإبراهيم ،
والذي قبل نوح لا يكون من ذريته ، وكذلك قوله تعالى "وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ [الذاريات : 46]؛ قد نقول : إن قوله (مِّن قَبْلُ) يدل على ما سبق .
إذا من القرآن ثلاثة أدلة تدل على ان نوحا أول الرسل ومن السنة
ما ثبت في حديث الشفاعة : (أن اهل الموقف يقولون لنوح : أنت أول
رسول أرسله الله الى أهل الأرض ) وهذا صريح .
أما آدم عليه الصلاة والسلام فهو نبي وليس برسول . ,أما ادريس
فذهب كثير من المؤرخين أو اكثرهم وبعض المفسرين أيضا إلي انه
قبل نوح .. وأنه من أجداده لكن هذا قول ضعيف جدا والقرآن والسنة
ترده والصواب ما ذكرنا ؛ وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام لقوله
تعالي " وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ً [الأحزاب : 40]
ولم يقل وخاتم المرسلين لأنه اذا ختم النبوة ختم الرسالة من باب أولى
8)
فإن قلت : عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل في آخر الزمان وهو رسول فما الجواب ؟
نقول : هو لا ينزل بشريعة جديدة ، وإنما يحكم بشريعة النبي صلى الله
عليه وسلم .
فإذا قال قائل : من المتفق عليه أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ،
وعيسى يحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون من أتباعه ،
فكيف يصح قولنا ان خير هذه الأمة بعد نبيها ابو بكر ؟
فالجواب أحد ثلاثة وجوه :
أولها : أن عيسى عليه الصلاة والسلام رسول مستقل من أولي العزم ولا يخطربالبال
المقارنة بينه وبي الواحد من هذه الأمة ؛ فكيف بالمفاضلة ؟! وعلى هذا يسقط هذا الإيرا
د من أصله ؛ لأنه من التنطع ، وقد هلك المتنطعون ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أن نقول : هو خير الأمة إلا عيسى .
الثالث : أن نقول : إن عيسى ليس من الأمة ، ولا يصح أن نقول انه
من أمته ، وهو سابق عليه ، لكنه من أتباعه إذا نزل ؛
لأن شريعة محمد النبي صلى الله عليه وسلم باقية الى يوم القيامة .
فإن قال قائل : كيف يكون تابعا ، وهو يقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ،
ولا يقبل إلا الإسلام مع أن إلإسلام يقر أهل الكتاب بالجزية ؟!.
قلنا : إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إقرار له ،
فتكون من شرعه ويكون نسخا لما سبق من حكم الإسلام الأول .
8)