كانت الحاجة فطيمة تتناول الغداء بمفردها وقد وضعت أمام طبقها كأسان وملعقتان ، بدأت تحرك الشوربة بتلك وتأكل بالأخرى ، تشرب العصير من كأس والماء من كأس أخرى ، الى أن دخلت عليها حفيدتها وقطعت خلوتها مع طعامها الشهي .
كانت تعيش وحيدة مع حفيدتها "سعاد" التي بلغت لتوها الثالثة والثلاثين ، كانت لا تزال عانسا ، تتمنى في كل ليلة قبل نومها ان ترزق بزوج وسيم و غني ، ( ربما لو لم تكن تشترط هذا في أمنياتها لكانت حصلت على واحد منذ زمن بعيد )
حتى ان الجيران في تلك العمارة كانوا يسمون بيت الحاجة فطيمة " ببيت العجوزين" كناية للجدة (التي تبلغ من العمر ثمانون سنة الا انها لا تزاد تحتفظ بكامل قوتها ) وحفيدتها .
نظرت سعاد لجدتها وهي تأكل ، ثم بادرت بالحديث :
- هل ستزورينها الليلة ؟
- نعم الليلة ، سأتعرف عليها واعرض المساعدة عليها فهي عروس جديدة من مدينة بعيدة لم يمض سوى أشهر قليلة منذ جاورونا لا يعرفون احدا هنا ولم نزرهم بعد .
في الطابق السادس من نفس العمارة كانت تعيش العروس ليلى وزوجها أمجد ، العروسين الجديدين الذان جاءا من بلاد بعيدة ،
كان أمجد مثالا للوسامة والرجولة في أعين كل الناس وبالأخص جاراته اللواتي لم تغلقن أفواههن قبل اعينهن لاعجابهن بوسامته وسيارته الفاخرة، ثم ما لبثن أن اعلن الحرب الكلامية :
- كيف لهذا الوسيم اين يتزوج هذه "الخنفوسة " أنا اجمل منها ولم احصل على رجل حتى بنصف وسامته .
واخرى تقول : " هاذ الزين راح خسارة في هاذ المصفارة "
---
في تلك الليلة وقبل العشاء ذهبت الحاجة للزيارة المرتقبة لجيرانها ، لم يكن رجل البيت هنا بعد ، لذا رحبت صاحبة البيت بضيفتها ترحيبا حارا وأعجبت بتلك العجوز حين عرضت عليها المساعدة في أي شيء بدعوى انهما جارتان .
بعد نصف ساعة من الحديث الجميل بين الشابة والعجوز كانت قد اعجبت كل واحدة بالأخرى ، حين همت الجدة بالرحيل ، أوقفتها الشابة لتتناول العشاء معها ، فزوجها لم يكن قد عاد بعد حتى تلك اللحظة رغم انهما انتظراه لتتعرف عليه العجوز أيضا .
أعدت " ليلى صحنا من الكسكس والى جانبه عصيرا .. كأسين وملعقتين ..
نظرت العجوز لليلى واخبرتها :
- بنيتي أرجو أن تحضري لي كأسا وملعقة اضافيتين ، فأنا لا آكل الا بكأسين وملعقتين ، تلك عادة غريبة ألفتها .
رغم استغراب ليلى من الامر الا انها لبت لها ما رغبت فهي تعرف أن العجائز بمثل سنها لهم عاداتهم الغريبة أيضا .
بعد الانتهاء من العشاء ، دخل الزوج أخيرا لبيته واستقبلته زوجته بحب وحنان ، ثم عادت لضيفتها واخبرتها ان امجد قد عاد ، فطلبت منها ان تناديه لتعرفها عليه فهو سيكون بمثابة ابنها .
دخل امجد الى الغرفة ثم سلم ... لكن المفاجأة حدثت هنا ..
بدأت العجوز تنظر للرجل مستغربة وقد فتحت فمها ، ثم قالت :
- اهذا زوجك ؟ فأجابت الشابة بنعم .
فردت العجوز بخبث : - ان كان هذا زوجك فمن هو الشخص الذي تعشى معنا ؟ الم تخبريني انه هو زوجك ؟
استغرب الزوجان من كلامها ، م بدأت ليلى تغلي وتكذب العجوز ..
فأشارت الاخيرة للكؤوس والملاعق : هل انا أكذب ؟ أنظر يا رجل.
----
رغم وسامة ذلك الرجل الا أنه كان غبيا فقد صدق كلام العجوز حين رأى الدليل أمام عينيه ، طلق زوجته في الحال وطردها .
بعد أيام كانت سعاد حفيدة الشيطانة تذهب كل يوم الى بيت امجد لتساعده في أعمال البيت وتتودد اليه .. وفي الأخير طلب يدها وتزوجها وعاشو في سلام وهناء.
انتهى
فاليأخذ الأشرار نصيبهم من النهايات السعيدة في قصصنا .. مللنا من قصص التي يخسر فيها الشر في النهاية ههههههه
ملاحظة : القصة جاءت على لسان صديق لي، اخبرني أنها حقيقية حدثت منذ شهر في مدينتنا ، لذلك من سمع بهذه القصة من قبل في مدينة أخرى فاليخبرني لأضرب صديقي الذي كذب علي .